والفرس بالجزيرة ، ولقد غلبت الفرس الروم ، ونزل جبريل بالخبر على النبي وأنبأه بأن الروم ستغلب الفرس في بضع سنين ، والبضع ما بين الثلاث إلى التسع أو العشر ، فالتقى الجيشان في السنة السابعة ثانية ، وغلبت الروم فارس ، وتحقق قوله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ،) أي من قبل غلب الروم ومن بعده ، أي أن غلبة الفرس أولا وغلبة الروم ثانيا بأمر الله.
١٣٥ ـ (قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (١٣٥))
[الأنعام : ١٣٥]
عاقبة الدار لصاحب الأسماء الحسنى ، ولهذا الصاحب أصحاب كما كان للنبي صلىاللهعليهوسلم أصحاب وصحابة ، أما صاحب الأسماء فهو تعين الروح الجامع أو الروح المحمدي ، وهو الذي ظهر في الأنبياء كابرا عن كابر منذ آدم ، ثم انتقل من الأنبياء إلى الظهور في أولياء الله الأقطاب.
ومعنى عاقبة الدار صيرورة أحداث تضاد الأسماء إلى وحدة جامعة للأضداد وصاحبها هو الذي فاز بالمقام المحمود ، وقرب من الله نجيا ، فالأضداد لا تضره والدنيا كلها وما فيها بمثابة دار له ، يتبوأ منها حيث يشاء كما تبوأ يوسف عليهالسلام.
١٣٦ ـ (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (١٣٦))
[الأنعام : ١٣٦]
الحرث والأنعام مثل عطايا الحواس من الإدراك ، والمشهود في العلوم الحديثة فصل هذه الحواس عن المدد الإلهي الكائن في الفؤاد ، والذي يمد الحواس بالمعلومات عن طريق التجريد لا العكس ، فمعظم المفكرين يقولون : إن المعقول نتاج مشاهدة المحسوس ، بل ويقولون : إنه لا وجود لهذا المعقول إلا كتجريد عقلي فقط كائن في ذات المفكر ، وهذا كفر في حقه تعالى سبحانه خلق المحسوس ليدل على المعقول الذي هو أصل كل محسوس ، إن كانط يقول : إن صور المعرفة أو قوالبها موجودة في العقل بطبيعة تكوينه ، أما المدركات الحسية فتشكل في صورة هذه القوالب كما يتشكل الماء بحسب القوالب التي يستقر فيها ، ويسمى كانط المعرفة الفطرية المعرفة الأصلية ، والمعرفة المكتسبة المعرفة الفرعية ، ويقرر أن الفطرية التي يتكون منها العقل البشري جاءت بالفطرة من الله.
١٣٧ ـ (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (١٣٧))
[الأنعام : ١٣٧]
قتل الأولاد رمز قتل الوليد الذي هو الذات الإلهية الكائنة في رحم الجسم الكلي ، فهذا