١٤٠ ـ (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِراءً عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٤٠))
[الأنعام : ١٤٠]
عودة إلى إنكار بعث الروح الكائن في رحم الطبيعة والمخلوقات والذي أول بالولد ، وقلنا الولد الولادة ، وقوله : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) يعني جهل الإنسان قدره وما لديه من كنز هو ما أشار إليه سبحانه في قصة لقاء موسى عليهالسلام بالعبد الصالح الذي أقام الجدار الذي يريد أن ينقض ، ثم أول فعله مخبرا أن تحت الجدار كنز.
وقوله : (وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ) يعني الجريمة التي يرتكبها العقل البشري إذ يحتكر العلم ويكتفي بطاقاته الفكرية ، علما أن العارف بالله جلال الدين الرومي قد قال في «المثنوي» : العقل الكلي ذهن كل عاقل ، والعقل الجزئي يكون عقلا أيضا ولكنه ضعيف ، وقال أيضا : إنك صاحب عقل جزئى مستنير ، فلتبحث في الدنيا عن كامل العقل ، فعقلك يكتسب الكلية من عقله الكلي.
١٤١ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (١٤١))
[الأنعام : ١٤١]
سبق وأولنا النخل والزيتون والرمان ، وقوله : (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ،) يعني ما تعطيه المعقولات من علوم إلهية بعد انكشاف الأمر اليقيني ، وعندئذ فليأخذ الإنسان نصيبه من الوجود والفكر والإمكانات والصفات فهذا حق من حقوق النفس الجزئية ، ثم فليزكي علومه هذه بإعطاء الحق سبحانه حقه أيضا ، هذا ما فعلته جماعة السنة وأئمتها وعلماؤها ، كالأشعري والغزالي وابن عربي حيث دافعوا عن التوحيد ضد هجوم علماء الكلام والفلاسفة المتأثرين بالفلسفة الأرسطية.
١٤٢ ـ (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٤٢))
[الأنعام : ١٤٢]
كل حامل دابة ، وكل دابة من الأنعام ، فالجسم حامل الروح ، وحواسه وقواه في خدمة الروح والنفوس الجزئية ، وما يستمده الروح من عالم العيان هو الرزق الذي رزق الله الروح والنفوس الجزئية.
١٤٣ ، ١٤٤ ـ (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٤٣) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ