وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٤٤))
[الأنعام : ١٤٣ ، ١٤٤]
الثمانية رمز القوى الروحية مثل العقل ، الفكر ، الخيال ، الذاكرة ، المصورة ، المدركة ، والنفس ، والوهم ، وقوله : (آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) يعني فصل الفاعل عن المنفعل من كل ذي ظهور ، ففي الإنسان روح فاعلة ونفس منفعلة ، فالروح بمثابة الذكر ، والنفس بمثابة الأنثى ، والله لم يحرم عطايا الروح ولا عطايا النفس ، أي أنه جعل ما في الروح وما في عالم العيان من كنوز علمية للإنسان خالصة ، يأخذ من المعينين.
١٤٥ ، ١٤٧ ـ (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥) وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (١٤٦) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٤٧))
[الأنعام : ١٤٥ ، ١٤٧]
تحريم كل ذي ظفر ما تظفر به النفس الحيوانية من العالم الظاهري من المعقولات دون أن تردها إلى الله ، وشحوم البقر والغنم ظواهر هذه الدواب وظاهر الإنسان وقوله يا أنا ، فقولك أنا وأنا أعظم حجاب.
وقوله : (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) يعني ما خالط عالم العيان من مقولات قبلية وصفات إلهية ظاهرة باطنة فهذا حلال ، إذ ما خلق الله الخلق إلا ليظهر به.
١٤٨ ـ (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (١٤٨))
[الأنعام : ١٤٨]
المشيئة الإلهية والمشيئة الإنسانية من القضايا التي درستها علوم الدين وعلماؤها ، والآية ترد على المشركين الذين يقولون لو شاء الله ما أشركنا ، ووصفت الآية هؤلاء بالكذب ، والسبب شركهم نفسه ، فلو قال مؤمن موحد عالم أن لا مشيئة إلا الله لتقبل هذا منه ، وكان قوله صحيحا ، إذ الكشف يطلع المراد كشفا على أن المشيئة صفة من صفاته سبحانه ، وأن المشيئة