يخرج عليها شيء ، والشيئية ذاتها داخلة ضمنا فيها طوعا أو كرها؟
وقوله : (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) يعني أن كل إيمان بغير الإيمان بالصراط الأحدي الأحادي مآله التفرق عن الله والابتعاد عنه ، أي الاحتجاب بالصوردون كشف رب الصور أو رب النوع الكامل كما قال شهاب الدين السهروردي ، صحيح أن الصوفية أرجعوا كل تفرقة إلى الصراط نفسه ولكن هذه النظرة خاصة بالموحدين ، أما غير الموحد فهو ضائع في عالم الكثرة ، والضائع لا يصل حتى يهتدي ، ولهذا ختمت الآية بالقول : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي لعلكم تتقون الله حق تقاته ، أي توحدونه حق التوحيد.
١٥٤ ، ١٥٦ ـ (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ (١٥٦))
[الأنعام : ١٥٤ ، ١٥٦]
كتاب موسى عليهالسلام الألواح المنزلة عليه منها علوم الجمع والتفصيل أما علوم الجمع فأشارت إليها الآية بالقول : (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) أي الذي أحسن التوحيد ، وأما علوم التفصيل فخاصة بالعبادات أي الشريعة الموصلة إلى الحقيقة.
١٥٧ ـ (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧))
[الأنعام : ١٥٧]
أعذر الله إلى المسلمين بإنزال القرآن عليهم ، إذ أن الأمم الذي لم ينزل عليها كتاب إلهي تتخبط وتتردد بين الهدى والضلال ، فمنهم مهتد ومنهم ضال كما ترى في الأديان غير السماوية التي يؤمن بها كثير من الناس ، والله جعل القرآن حجة على المسلمين لكي لا يقولوا إنهم لم يؤتوا ما أوتي أهل الكتاب من قبلهم.
١٥٨ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٥٨))
[الأنعام : ١٥٨]
مجيء الملائكة انكشاف حقيقة المعقولات الجامعة للتضاد ، إذ أن التفريق يكون عادة من الإيمان باسم دون اسم أو أسماء دون أسماء ، فإذا انكشفت حقيقة التضاد كما وقع لأبي سعيد الخراز تبين أن لا فرق ولا فرقان بل قرآن ، والفرقان تكثر للقرآن ، وكلاهما له واحد.