١٦١ ـ (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٦١))
[الأنعام : ١٦١]
ملة إبراهيم الملة الجامعة ، فلقد سمى الحق إبراهيم أمة ، أي أنه إمام يعدل أمة ، أي أنه وصل إلى عين الجمع فانضوت الكثرة تحته ، وقال ابن عربي : الإنسان الكامل النوع ، والأنبياء والأولياء أفراد هذا النوع ، والمعنى أن ظهور إبراهيم أو محمد عليهمالسلام هو بمثابة ظهور الأجزاء كلها في شخص واحد.
وصراط محمد صلىاللهعليهوسلم هو صراط إبراهيم عليهالسلام وصراط كل الأنبياء ، وجميعهم ممثلو نوع الإنسان الكامل الذي هو مرآة الحق وتعينه الجمعي.
١٦٢ ـ (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٢))
[الأنعام : ١٦٢]
الصلاة الصلة بين العبد والرب ، وتتحقق أي تقام عن طريق أداء الطقوس والعبادات ، والنسك بدء الانقطاع لله تعالى ، وهو التوغل في التفكير والتأمل والتأله كما فعل صلىاللهعليهوسلم عند ما اعتكف في غار حراء ، والمحيا والممات بدء ظهور نور التوحيد حيث يموت المكاشف الموت المعنوي أو الموت العلمي ، أي يكشف له أنه ميت بذاته حي بالحق ، ومحصلته القيام من بين موتى الجهل والحياة بالله.
١٦٣ ـ (لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣))
[الأنعام : ١٦٣]
كونه صلىاللهعليهوسلم أول المسلمين إشارة إلى كونه التعين الأول للذات الصمدانية ، وسمي هذا التعين أو الصدور الحقيقة المحمدية وسمي النور الجامع ، وسمي العقل الفعال كما قال صلىاللهعليهوسلم : (أنا أبو الأرواح وآدم أبو البشر) ، وقوله إلى الصحابي جابر : (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر) ، وقوله : (كنت نبيا وآدم منجدل في طينته أو وآدم بين الماء والطين) ، وقال ابن عربي : اقتطع الله من نور ذاته قطعة لم تكن به متصلة لتكون عند القطع منفصلة ، وقال عبد الكريم الجيلي : خلق نفس محمد من نفسه ، وليست النفس إلا ذات الشيء ، وخلق نفس آدم من نفس محمد وقال صلىاللهعليهوسلم : (أول ما خلق الله العقل ، فقال له : أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، فقال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحب إلى منك ، بك آخذ ، وبك أعطي ، وبك أعاقب ، وبك أثيب) ، وعلى هذا تكون حقيقته صلىاللهعليهوسلم حقيقة كل الأنبياء والأولياء ويكون إبراهيم عليهالسلام ولده لا جدّه باعتبار التعين ، ولهذا جاء في الحديث القدسي : (لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك) ، ويقال في الأذان : (يا أول خلق الله وخاتم رسل الله).
١٦٤ ـ (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (١٦٤))
[الأنعام : ١٦٤]