هو في الواقع غزو من الذات إلى الذات.
وجهنم هنا بمثابة تكثر الشطر الذاتي المقتطع ليحقق عن طريق التضاد الإبليسي خروج الإمكانات والتعريفات والخصائص الذاتية والصفات.
١٩ ، ٢٢ ـ (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (٢٠) وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢))
[الأعراف : ١٩ ، ٢٢]
آدم عليهالسلام ممثل الاسم الباطن الإلهي ، فهو الباطن من كل إنسان ، أي فكره ، ويسمى هذا الاسم هذا العقل الكلي ، وهو غير العقل الفعال أي الروح المحمدي ، ولهذا قال صلىاللهعليهوسلم : (كنت نبيا وآدم منجدل في طينته) ، ولهذا السبب سمي آدم أبا البشر باعتباره والد الجميع ، أي الوحدة الفكرية الجامعة للكثرة الفكرية.
وزوج آدم النفس الكلية المشتقة من العقل الكلي ، فإن كان آدم فاعلا فزوجه منفعلة ، ولهذا قال صلىاللهعليهوسلم : (إن حواء خلقت من ضلع آدم ، أو من ضلع عوجاء).
والشجرة شجرة المعرفة ، وأرضها تراب العناصر ، وللأمر لطيفة ، فما دام آدم عقلا فهو نور ، أو هو توسط بين النور والظلمة ، ولهذا سمي آدم من الأدمة أي السمرة ، أما النفس الكلية فهي من عالم العناصر نفسه ، فهي والعالم الخارجي توأمان ، ولهذا قال أرسطو : ليس الجسم مستودع النفس بل النفس مستودع الجسم ، فالنفس أعم من الجسم وأوسع لأنها الفاعلة فيه بتوسط العقل ، ولأنها الوحدة الجامعة للكثرة المنبثة ، ولهذا سميت حواء أم البشر ، وحواء ممثلة الاسم الإلهي الحي ، فهي الحياة وهي الرحم الطبيعية ، كما جاء في الحديث القدسي : (أنا الرحمن خلقت الرحم ، وشققت لها اسما من اسمي ، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته) ، وقال ابن عربي : الرحم الطبيعة ، وهذه الحياة هي ما رمز إليها عليهالسلام إذ قال إن الشجرة هي الحنطة ، والحنطة رمز الحياة.
وقوله سبحانه : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) يعني العكس ، إذ أنه سبحانه قد ينهى عن شيء ويريد خلافه بقصد التحريض ، هكذا قالت الصوفية ، فالشجرة الهبوط من سماء الروح إلى أرض الطبيعة والعيان.
ووسوسة الشيطان حديث النفس الخفي الداعي إلى التحريك ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (اعرف نفسك)،