وليس على الله بمستنكر |
|
أن يجمع العالم في واحد |
وأجل الأمة الذي تحدثت عنه الآية هو الموعد المضروب للإنسان الجامع لقيام قيامته الصغرى ، وبعثه من مرقد الغفلة والجهل ، وهذا الموعد هو الميقات الذي ضربه الله لموسى بقوله : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا) [الأعراف : ١٤٣] ، فالمجيء هو القيام والبعث من المرقد الذي رقد فيه أهل الكهف ، وهو ميقات محدد سماه سبحانه بلوغ الأشد ، وحددته الصوفية بقرب بلوغ الأربعين.
٣٥ ، ٣٦ ـ (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٦))
[الأعراف : ٣٥ ، ٣٦]
قوله : (رُسُلٌ مِنْكُمْ) أي من ذواتكم ، والإشارة إلى الخاطر الإلهي وصوت الضمير الذي يذكر بوجود الله ، ويدعو إلى التفكير في خلق السموات والأرض.
٣٧ ـ (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (٣٧))
[الأعراف : ٣٧]
قوله : (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ) إشارة إلى الخواطر الذاتية الجامعة ، إذ ربط الموقف بالوفاة ، والوفاة هنا معنوية حيث يشهد الإنسان كشفا أن الذات ، وحوارها الداخلي كله لله ، أنشد عبد الغني النابلسي :
من كان بالعشق مفقود |
|
فذاك بالحق موجود |
وأنشد أيضا :
إن كلي قد شف عنها جهارا |
|
فاعرفوها في أرجلي والأيادي |
وأتاني الخطاب من طور نفسي |
|
عند ما دك من تجلي الجواد |
خضت بحر الحياة والكل موتى |
|
وشربت الوجود والكل صادي |
والإشارة الأخرى في الآية هي خروج الحق من باطن الأنا فإذا الأنا هو ، أو الأنا الخالصة الكبرى ، وإذا الإنسان ميت على كل حال كما قال صلىاللهعليهوسلم : (من أراد أن ينظر ميتا يمشي على الأرض فلينظر أبا بكر) ، وأكد هذا ختام الآية بالقول : (أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ ،) والكفر ستار وحجاب ، ولهذا قال الإمام الغزالي : من لم يكن له نصيب من علوم المكاشفات أخشى عليه سوء العاقبة ، وقال الإمام علي رضي الله عنه : (اليمين والشمال مظلة والطريق الوسطى هي الجادة) ، فمن لم يشهد الله في ذاته فهو محجوب.