أو الإطار الذي تبدو فيه النفس عند التعين ، فقبضة القرب للقرب وقبضة للبعد ، والبعد سبب للقرب ، والقرب فناء في أحضان الألوهية.
٤٣ ـ (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣))
[الأعراف : ٤٣]
الأنهار العلوم اللدنية المتنزلة على القلب من العقل القدسي والفعال ، وهذا الكشف هو الهدى الذي لا هدى غيره ، إذ كل طريق غير طريق الذوق والعرفان مضل ، وإن كان الفلاسفة يصيبون أحيانا ، إلا أنهم ، كما قال ابن عربي : يخطئون في الإلهيات أكثر مما يصيبون.
٤٤ ، ٤٥ ـ (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (٤٤) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (٤٥))
[الأعراف : ٤٤ ، ٤٥]
النداء نداء الأسماء بعضها لبعض بعد إشراق الدائرة الوجودية بالنور الحق ، والأسماء هذه سماها ابن عربي أسماء آلاء وأصحابها هم أهل الجنة المعنيون في الآية ، وأسماء بلاء وأصحابها هم أصحاب النار.
والإقرار من أصحاب النار بأن ما وجدوه حق سببه اطلاع العارف بعد الوصول إلى مقام الجمع على كون الناس جميعا أصحاب اليمين وأصحاب الشمال هم أبواق النفخ الإلهي ، في الروح الحي ذاته إخراجا للمقتضيات.
٤٦ ـ (وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ (٤٦))
[الأعراف : ٤٦]
الحجاب السور الفاصل بين أصحاب الجنة وأصحاب النار ، والسور هو الحجاب الرحماني الفاصل بين التضاد والذي هو التضاد نفسه ، قال الإمام النفري : يا عبد إذا رأيتني في الضدين رؤية واحدة فقد اصطفيتك لنفسي ، فالعارف المحقق هو إمام الحج الواقف على جبل عرفات ، والذي يرى الناس سكارى وما هم بسكارى ، كما يراهم أمواتا وهم أحياء يرزقون ، ويراهم أيضا أشباحا وهياكل للمعاني الإلهية المعقولة التي لو لا الناس ما استطاعت أن تظهر ، ومن هذه الرؤية الجامعة يعرف العارف تأويل أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم في القضاء والقدر ، وكيف يكون الناس في القبضة ، فقبضة في الجنة وقبضة في النار ، وفي كتب الحديث أن الرسول كان جالسا ذات يوم وفي يده عود ينكت به التراب ، فرفع رأسه وقال : (ما منكم