٦٢ ـ (أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢))
[الأعراف : ٦٢]
قوله : (وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) إشارة إلى علم الضمير بأصله النوراني الصادر منه ، وكيف اقتبس هو هذا العلم منه ، والإشارة إلى العقل الفعال. كما أن صاحب هذا العلم يعلم حقيقة الأسماء والدور الذي تلعبه وكيف أن الحواس مظاهر لظواهر الأسماء نفسها لا غير. قال ابن عربي : إذا أخذ العارف في مشهد من مشاهد الربوبية حصل في مقدار يومها في تلك اللحظة من العلوم الإلهية ما يحصله غيره في عالم الحس مع الإجتهاد والتهيؤ من العلوم الإلهية في ألف سنة من هذه السنين المعلومة.
٦٣ ، ٦٤ ـ (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٦٣) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ (٦٤))
[الأعراف : ٦٣ ، ٦٤]
الفلك مثل علم الأسماء نفسها ، فنوح هنا يمشي في الطريق التي مشاها آدم لما بدأ رحلة عودته من أرض المحسوسات إلى سماء المعاني. والفلك نفسه هو مجموعة المعاني المركوزة والمغروسة في العقل الهيولاني ، والتي يفتقها العقل الفعال شيئا فشيئا حتى يصبح هذا العلم الذي يكون بالقوة علما بالفعل.
وغرق المكذبين غرق الموصوف في بحر الصفة ، حيث أن المعلول يكون تابعا ومحكوما من قبل علته ، فهو غريق هذا المحيط.
٦٥ ـ (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٦٥))
[الأعراف : ٦٥]
هود من الهدى ، وهو سعي الضمير نفسه لانتشال القلب مما هو فيه ، وإعراض القلب عن سماع صوت الضمير.
٦٦ ، ٦٨ ـ (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٦٦) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٧) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (٦٨))
[الأعراف : ٦٦ ، ٦٨]
قول قوم هود إنهم يرونه في سفاهة إشارة إلى موقف الكافرين والمنافقين وأصحاب الشهوات من الضمير الذي يفسر بعضهم ماهيته على أنه ممثل الخوف الإجتماعي أي الخوف من ردود الفعل الإجتماعية نفسها ، ويسمى الضمير هنا الشرطي أو الخوف من الشرطي. كما أن آخرين يفسرون وجوده على أنه نتاج المجتمع نفسه في محاولته الرامية إلى ضغط الفرد