صالح هو الصوت الداعي إلى الله والمذكر بآلاء الله ، وأصله الخاطر الإلهي الموجود في النفس.
٧٧ ، ٧٨ ـ (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٧٨))
[الأعراف : ٧٧ ، ٧٨]
عقر الناقة مثل قطع الرأس وإلقاؤه في حفرة النار التي هي عالم العناصر حيث يجد الإنسان نفسه وحيدا ضعيفا في غاب كله ذئاب ، وعليه أن يحتل مكانته ، ويكسب قوته بقوة زنده دون تذكر الله والتوكل عليه والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى. فإذا أصابت الكافر أو المنافق مصيبة تضعضع واهتز من هول المصيبة وعنفها ، في حين يبقى المؤمن المحسن الصادق الواثق بربه والمستسلم إلى قضائه وقدره يبقى صامدا صابرا مؤمنا بأن ما يصيبه قد يكون خيرا له ، وإن بدا شرا ، وأن الله يريد بعباده اليسر لا العسر ، وأن المآل الرحمة الجامعة.
٧٩ ـ (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (٧٩))
[الأعراف : ٧٩]
الملاحظ أن صاحب الاسم يحب مثيله ، فالمؤمن يحب المؤمن ، والشجاع يحب الشجاع. وكذلك فإن أصحاب تضاد الأسماء يحب بعضهم بعضا. قوله ولكن لا تحبون الناصحين يعني أن صاحب الاسم يتقبل ما يوافق هواه وخاطر اسمه فقط ، فالعفيف إذا عف أيد من قبل أصحاب العفة ، أما الفاجرون فشعارهم ما فاز باللذة إلا الجسور.
فالنصح إذن عام ، ولكن تقبله رهين بالأذن السماعة ، ولهذا قال ابن عطاء الله السكندري : العبارة قوت لعائلة المستمعين ، وليس لك إلا ما أنت آكله.
وفي كتب السيرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم أتى الصفا فصعد عليه ، ثم نادى : (يا صباحاه) ، فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه وبين رجل يبعث رسوله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني لؤي ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموني؟ قالوا : نعم ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، أما دعوتنا إلا لهذا؟).
فالقلوب أوعية والنصح مطر ، فقلب يتقبل النصيحة ويعمل بها ، وقلب لا يعيرها أذنا ويتأبى عليها ، وقلب يهزأ منها ويعدها حمقا ، وقلب لا يبالي أعمل بها أو تركها.
٨٠ ، ٨١ ـ (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١))
[الأعراف : ٨٠ ، ٨١]