تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨٥))
[الأعراف : ٨٥]
الكيل والميزان النظر إلى الوجود بمنظار الأسماء جميعها إيجابيها وسلبيها ، توافقها وتناقضها ، والعلم بأنها جميعا لله ، صاحبها والقاهر فوقها والآخذ بنواصيها يمينا وشمالا.
٨٦ ـ (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (٨٦))
[الأعراف : ٨٦]
القعود بالصراط البقاء داخل إطار الاسم الواحد ، والتحرك به ، والاستماع له دون الاستعانة بسواه ، وعدم الشمول بالرحمة من هم تعيّن سواه ، إذ أن الصراط جامع ولا خروج لأحد عليه ، والقعود بمثابة الاستقرار في مكان دون آخر علما أن لله المشرق والمغرب.
وقوله : (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) تذكير بكون الوحدة أصل الكثرة وأنها وراء الكثرة ، وأن الكثرة وإن بدت كثرة فهي واحد.
٨٧ ـ (وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٧))
[الأعراف : ٨٧]
حكم الله ظهوره سبحانه بالكشف جامعا بين النقيضين. وقوله : (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) يعني بيان حقيقة الأمر الذي اختلف الناس فيه ، وذهبوا فيه كل مذهب. فالكشف وحده يكشف أين الحق ، وأين الخلق ، وما علاقة الواحد منهما بالآخر ، وكيف يكون الهو هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، وكيف يكون القهر والأخذ بالنواصي ، وما حقيقة القضاء والقدر.
٨٨ ـ (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ (٨٨))
[الأعراف : ٨٨]
ملة قوم شعيب التعصب ، وهو داء عضال ذميم ما يزال يحكم أكثر الناس. فكل يدعي أنه على الصراط ، وأنه عرف الحق والحقيقة ، والنتيجة أن الأرض والسماء ضاقتا بألف ألف إله وألف ألف حقيقة. وكيف يمكن أن يكون جبار السموات والأرض ، وكيف لا يكون في الأرض والسماء سواه ثم نجد لدى المقارنة أن كل فرقة لها إله وصراط وشعارات ، والله سبحانه القائل : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢].
٨٩ ، ٩٠ ـ (قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ