خَيْرُ الْفاتِحِينَ (٨٩) وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٩٠))
[الأعراف : ٨٩ ، ٩٠]
الكلام عن دين التوحيد ، وهو الدين الذي بشر به آدم أبناءه ، ثم جاء من بعده أنبياء التوحيد مثل نوح وإدريس وإبراهيم ، والتوحيد ما سماه الحق الإسلام كما جاء في وصف إبراهيم عليهالسلام : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً) [آل عمران : ٦٧] ، وقال أيضا : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) [الحجّ : ٧٨].
٩١ ـ (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٩١))
[الأعراف : ٩١]
الرجفة ظهور الحق والحقيقة في ليلة القدر ، فإذا الناس سكارى وما هم بسكارى ، وذلك بعد أن يرى الموحد المحقق الناس أشباحا تعينت بهم الأسماء ، فليس ثمة إلا المعقولات ، وليس ثمة إلا العقل الأول صاحب المعقولات ، ثم وأخيرا ليس ثمة إلا الله نور الأنوار وعقل العقول.
٩٢ ـ (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ (٩٢))
[الأعراف : ٩٢]
كل من يكذب النبي أو الولي الوارث فهو الخاسر ، لأن الحقيقة لا تقبل طالبين ، وليس لها مدخلان. فمن صدق بالرسل والأولياء والورثة العلماء فاز برحمة من الله ، وإلا لظل مبعدا محجوبا.
٩٣ ـ (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (٩٣))
[الأعراف : ٩٣]
لا أسى على الكفار ، لأنهم خلقوا أصلا ليكونوا محجوبين ، وليبقوا وراء الحجاب. والمحقق يتحقق هذه الحقيقة الوجودية التي جعلت النبي يقول أقواله في القبضة الإلهية التي جعلت ناسا للجنة وناسا للنار ، وذلك ليتم الإستواء الإلهي على العرش الوجودي المؤلف من الأسماء المتضادة والمتناقضة.
٩٤ ـ (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (٩٤))
[الأعراف : ٩٤]
الله سبحانه يمحص التعينات ، ويبتلي أصحابها ، لعل من فيه من آثار الهدى بسابقة حسنى ينتبه من نوم الغفلة والجهل ، علما أنه سبحانه يعلم مسبقا مآل التعينات لأنه عينها وسائسها ومضلها وهاديها.