٩٥ ـ (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٩٥))
[الأعراف : ٩٥]
الخطاب موجه إلى الدهريين والطبيعيين الذين لا يرون في المصائب إلا أحداثا كونية وجودية لا علاقة لها بالقضايا الدينية والغيبيات.
والأخذ بغتة الأخذ بالناصية نفسها ، ولهذا ختمت الآية بالقول : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ،) لأن الأخذ بالناصية هو حكمها بالخاطر كما قال ابن عربي : إن الله يقود العالم كله بالخواطر. ولما كان المحجوب يرد خاطره له لا لله ، ويقول : خاطري وتفكيري ، فالنتيجة أن الأخذ يتم بغتة دون أن يشعر الإنسان أولا ، وهو يكون بغتة لأن الأخذ يكون بالخاطر كما قلنا ، ويقع دائما بغتة ودون توقف.
٩٦ ـ (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦))
[الأعراف : ٩٦]
بركات السماء والأرض انفجار الأنوار في أفق الذات لتهتدي وسمي هذا فتحا كما جاء في موضع آخر قوله سبحانه : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) [الفتح : ١] ، وقوله : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) [النّصر : ١].
وقوله : (فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) عودة إلى الأخذ بالاسم نفسه ، فيكون المعلول تابعا العلة ، والعلة متعلقة بالمعلول ، فلا ظلم ولا حيف كما أنشد الحلاج قائلا :
نديمي غير منسوب إلى شيء من الحيف.
٩٧ ـ (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ (٩٧))
[الأعراف : ٩٧]
البيات الليل وكون الناس فيه نائمين ... والإشارة إلى العامة الذين يغطون في نوم الغفلة ، والذين هم دواب الأرض مأخوذون بالنواصي.
٩٨ ـ (أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨))
[الأعراف : ٩٨]
الضحى مجيء البأس بعد انفجار نور اليقين ، حيث يفيق النائم ، ويتم خروجه من جدثه ، ويكاشف بحقيقة التوحيد التي لا تبقي ولا تذر. وقوله : (وَهُمْ يَلْعَبُونَ) يعني انكشاف الحقيقة للمراد الذي يرى أحداث العالم كلها لعبة أسماء ، وليس من حقيقة لها إلا وجود الحق ، والباقي وجود أشباح ولعب أشباح.