١٠٢ ـ (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ (١٠٢))
[الأعراف : ١٠٢]
وصف الكثرة بالفسوق سببه أن الدائرة الأسمائية ذاتها تقتضي هذه الحكمة التي قضت بظهور الفساد في الأرض كما قالت الملائكة في موضع آخر : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) [البقرة : الایة ٣٠]. وسبب الفسوق الخروج عن الحد ، والخروج ضروري لإخراج مكنون الحد نفسه ، وهذه هي معادلة هيغل القائلة : الموضوع ونقيض الموضوع إخراج الصفة ، وهذا يفسر جواب الحق سبحانه للملائكة إذ قال : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١) قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣)) [البقرة : ٣١ ، ٣٣].
وعلى سبيل المثال نجد في عالم الحيوان أن الذكر يعادل عشر إناث أو مائة ، فترى في القطيع فحلا واحدا وإناثا كثيرات. وفي معادلة الأسماء ترى أن الاسم الموجب يعدل عشرة أسماء سالبة أو مائة أو ألفا ، وأحيانا يعدل أمة كما سمي ابراهيم أمة. فكرم حاتم طيء واحد وقد خلده الدهر ، وبه تشفعت ابنته لما أتي بها النبي مع السبايا ، فذكرته فضل أبيها وخلقه ، فأطلق سراحها اعترافا بما لأبيها من فضل ومكانة عند العرب. وقيمة الحليم في كونه واحدا بين جاهلين كثيرين ، وكذلك الشجاع والعفيف ، فالحكمة اقتضت أن يكون الذهب قليلا وكذلك الحجر الكريم ، في حين توجد المعادن الرخيصة بوفرة وكثرة وهي عديمة القيمة أو قليلة القيمة ، إلا أن وجودها ضروري لإظهار قيمة الذهب والحجر الكريم ..
١٠٣ ـ (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣))
[الأعراف : ١٠٣]
موسى إشارة إلى نور اليقين الذي يشع في القلب فيخرجه من الظلمات إلى النور ، ولهذا ربط في الآية بين ذكر موسى وفرعون الذي هو بمثابة النفس الدنيوية.
١٠٤ ، ١٠٥ ـ (وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٠٥))
[الأعراف : ١٠٤ ، ١٠٥]
موسى هنا الصوت الجواني الذي يقول للقلب أنا هو ، وأنا أهديك. وبنو إسرائيل إشارة إلى