وهو الهادي المضل.
١٠٩ ، ١١٠ ـ (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (١٠٩) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ (١١٠))
[الأعراف : ١٠٩ ، ١١٠]
الساحر العليم العارف بالله الذي يخرج من محراب التوحيد على قومه مبشرا بعلمه الذي ما سمعوا به في آبائهم الأولين ، وأول ما يفعله العارف أن يبين معنى قوله تعالى : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) [الذّاريّات : ٢١] ، ومعنى قوله تعالى : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) [الشّمس : ٧](فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) [الشّمس : ٨] ، ومعنى قوله : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) [الحديد : ٤] ، ومعنى قوله : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق : ١٦] ، ومعنى الحديث القدسي : (ما وسعتني السموات والأرض ولا الجبال ووسعني قلب عبدي المؤمن اللين).
وقوله : (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) يعني خروج الحقيقة من باطن الإنسان ، فإذا الإنسان شبح فقط ، ومحل للخطاب ، ومعبر بين المعقول والمحسوس ، وسبب للحوار ، وليس هو صاحب الدار ، ولا له من الأمر شيء لا القول ولا الفعل ولا الذات.
١١١ ـ (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١))
[الأعراف : ١١١]
موسى وأخوه العقل الأول والنفس الكلية ، إذ من كليهما يكون الإنسان وبقية المخلوقات.
١١٢ ، ١١٤ ـ (يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢) وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (١١٣) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (١١٤))
[الأعراف : ١١٢ ، ١١٤]
السحرة أقوال النفوس الجزئية وأفكارها ومواقفها من علماء التوحيد فهؤلاء يرفضون تصديق الوحي والإلهام والوحي اللدني الذي يعلم الإنسان ما لم يعلم. وما أكثر السحرة في كل زمان ومكان ، وبخاصة في هذا الزمان حيث صار الإيمان بالوحي خرافة ، وما آمن به إلا قليل ، وصار العلم اللدني موضع شك وشبهة بل ورفض من البعض الآخر ... حتى المعتدلون يقولون إن زمان الوحي قد ولى ، وإن العلم اللدني علم نبوي خص الله به رسله وأنبياءه فقط ، وأنكروا أن يظفر بهذه الدرة اليتيم العارفون المحققون ورثة الأنبياء.
١١٥ ـ (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥))
[الأعراف : ١١٥]
الإلقاء المواجهة الكلامية ، وفيها يجابه المنطق العقلي منطق الحدس والذوق ، وسيد المنطق الأول أرسطو وأشياعه ، وسيد المنطق الثاني الصوفية كالغزالي وابن عربي والسهروردي ، ونجد ابن سينا في بدء أمره أرسطيا مؤمنا بالمنطق وأسلوبه معتمدا عليه ، ثم نجده في أواخر حياته يعدل عن أسلوب المنطق الأرسطي إلى الذوق والحدس ، ويكتب كتاب