«الإشارات» حيث يتحدث عن المعرفة الإلهية والعارف بالله والنبوة والوحي الإلهي. وسئل السهروردي : هل أنت أفضل أم أبو علي أي ابن سينا فأجاب : قد أكون مثله أو أفضل منه ، ولكني أزيد عليه في الكشف والذوق.
١١٦ ـ (قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦))
[الأعراف : ١١٦]
السحر هنا قوة المنطق المتماسك كالمداميك ، والذي به يقول صاحبه ما يريد قوله دون أن تستطيع مجابهته والرد عليه. ومع هذا نجد أصحاب المنطق أحزابا ، كل حزب بما لديهم فرحون ، وكل حزب يتوجهون إلى أي جهة يشاؤون محاولين إثبات أنهم هم أصحاب الحقيقة ، وأنه لا حقيقة سوى التي عندهم ، والنتيجة أن الفلاسفة يخالف بعضهم بعضا ، ويكفر بعضهم بعضا ، ويناقض بعضهم بعضا ، حتى أن طائفة سميت السفسطائيين جعلوا يتلاعبون بعلم المنطق ، فكان السفسطائي يقول شيئا ، ويبرهن عليه بالمنطق ثم يقول من الغد شيئا آخر مناقضا لما قاله بالأمس ، ويبرهن عليه بالمنطق أيضا.
١١٧ ، ١١٩ ـ (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (١١٧) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٨) فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ (١١٩))
[الأعراف : ١١٧ ، ١١٩]
العصا البيان الصحيح والعلم اليقيني الذي يكون فوق كل علم. وفي هذا العلم يتم استخدام المعقولات المتفتقة من المحسوسات وفق نظام خاص هو مجموعة معادلات تفسر المغيبات والحق والخلق والذات والصفات والقضاء والقدر والعلة والمعلول. فالفارق بين عصي السحرة وعصا موسى أن عصي السحرة معقولات أيضا ، ولكن كل فيلسوف يصنفها ويستخدمها على هواه في حين أن عصا موسى هي التوحيد ، وهي عصا واحدة توارثها الأنبياء والأولياء كابرا عن كابر حتى آدم. وقيل في وصف هذه العصا كما ذكر النيسابوري في كتابه «قصص الأنبياء» : كانت عصا موسى من اللوز ، وكان إذا جاع ركزها في الأرض فأورقت وأثمرت وأطعمت ، وكان يأكل منها اللوز ، وكان إذا قابل بها عدوه يظهر على شعبيها تنينان يقاتلان ، وكان يضرب بها على الجبل الوعر الصعب المرتقى ، وعلى الحجر والشوك فتفرج له الطريق ، وكان إذا أراد عبور نهر من الأنهار بلا سفينة ، ضرب بها عليه فانفلق ، وبدا له فيه طريق منفرج ، وكان يشرب من إحدى شعبتيها العسل ، ومن الأخرى اللبن ، وكان إذا أعيا في طريقه ركبها فتحمله إلى أي موضع شاء من غير ركض ولا تحريك ، وكانت تدله على الطريق ، وكانت تقاتل أعداءه ، وكان إذا طلب منها الطيب فاح منها الطيب ، وإذا كان في طريق فيه لصوص يخاف الناس جانبهم ، تكلمه العصا فتقول له : خذ جانب كذا وكذا ، ولا تأخذ حيث