وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦) ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧))
[التوبة : ١١ ، ١٧]
لا لقاء ولا مهادنة ولا سلام بين المسلمين والمشركين حتى يتوب القلب من شركه ، ويصير موحدا ، وعندئذ تكون الصلاة الحقيقة قد أقيمت ، وصار القلب موصولا بالرب ، وتكون أيضا الزكاة قد أوتيت ، حيث يتقي القلب ربه ، ويعيد إليه عاريته من العلوم بل والوجود.
١٨ ، ١٩ ـ (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨) أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩))
[التوبة : ١٨ ، ١٩]
عمران مساجد الله إتيانها ودخولها والقعود فيها ويتم ذلك من قبل المؤمنين ... ذلك أن المؤمن ممثل أسماء الجمال ، وقد بعث الحق نبي المسلمين ليتمم مكارم الأخلاق ، فالمؤمن على سنة نبيه فهو على خلق عظيم ، ووجه المؤمن جميل ، والله جميل يحب الجمال ، والجزاء إدخال المؤمنين في الصالحين ، وجنات النعيم التي هي جني قطاف علوم التوحيد ، فالمشركون لاخلاق لهم ، وهم محجوبون عن الحقيقة ، محرومون من الوصول إليها ، لأنهم ليسوا على خلق عظيم ، بل إن وجوههم سود ، والإنسان من غير أخلاق يستوي والدابة ، بل هو أحط منها ، وقال سبحانه : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ) [الأعراف : ١٧٩].
وتعد فلسفة كانط خير مثال ، ودليل على ما لدور الأخلاق من أهمية من أجل الوصول إلى الحقيقة التي سماها كانط الشيء في ذاته ، أي حقيقة الوجود والموضوعية ولقد حمل كانط على العقل وطرقه وأساليبه مبينا أن العقل حجاب ، وأن الإنسان لا يستطيع رؤية شيء من حقائق الوجود إلا من خلال مقولات عقلية محددة ، وأن العقل متناقض بطبيعته ، إذ بالوسع أن يثبت بالطرق العقلية أن الله موجود أو غير موجود ، وأضاف كانط قائلا : إن الشيء في ذاته ، أي الحقيقة الموضوعية خارجة على حدود هذا السجن الكبير ، وإن الأخلاق وحدها الطريق إلى تعرف هذه الحقيقة ، ذلك لأن الأخلاق نتيجة سماع صوت الضمير ، أي صوت القانون الأخلاقي الذي هو النافذة المطلة على عالم الفيزيقا ... فما دام للإنسان صوت هو صوت الكلي صاحب القانون الأخلاقي الكلي فالنتيجة أن من يسمع الصوت ينقاد من ثم إلى بحر