فثمة سور لا يطفر بين الفريقين ، والإسلام والكفر حقيقتان متناقضتان ، فقد يكون الوالد مؤمنا والولد كافرا ، وقد يكون الولد مؤمنا والوالد كافرا ، وقد يكون الأخ مؤمنا وشقيقه كافرا ، وقد يكون الزوج مؤمنا وزوجه كافرة ، وقد تكون الزوجة مؤمنة وزوجها كافرا ، وينكر الإسلام أن تكون ثم صلة رحم بين الناس ما لم يكونوا مؤمنين قال تعالى : (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) [لقمان : ١٥].
وقد حدث في غزوات النبي أن كان الابن المؤمن يقتل أباه الكافر أو المشرك ، فلا صلة عشيرة في الإسلام ما لم يكن الناس مؤمنين مسلمين.
٢٥ ، ٢٧ ـ (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (٢٦) ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٧))
[التوبة : ٢٥ ، ٢٧]
القلب من غير التأييد الإلهي ضعيف ، وضرب الله مثلا يوم حنين ، إذ غر المسلمين كثرتهم فأعجبتهم واعتمدوها ، فكانت النتيجة هزيمة على أيدي المشركين ، ولقد تدارك سبحانه ما حدث بأن أنزل سكينته وجنوده على رسوله والمؤمنين ، والآية تشير إلى أن القلب من غير خاطري الملكي والإلهي مدحور أمام خواطر السوء وتحديات الحياة ، فالمدد ذاتي جواني يؤيد القلب بنصر نوراني يثبته ساعة العسرة وفي أوقات الشدة.
٢٨ ، ٢٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨) قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩))
[التوبة : ٢٨ ، ٢٩]
المسجد الحرام تجسيد الدائرة الأسمائية الألهية بعد التعيين والفراغ من الجهاد ، ولقد حرم الله هذا المسجد على المشركين لأن المشرك لم يصل إلى التوحيد ولم يعرف نفسه وبالتالي لم يعرف الله.
والنتيجة أنه مطرود من حضرة اليقين والمعرفة بالضرورة ، ومعنى : (فَلا يَقْرَبُوا) يفيد أن المشرك بعيد ، لأن كونه مشركا يفيد معنى البعد عن الله مثلما يعني فعل كفر.