وللصور محرك ، ومحركها الله ، فكل صورة ظهور للمصور ، وهي مربوب للرب حقا ومنطقا وكشفا ، والمربوب عبد محكوم ضعيف لا حول له ولا قوة ، فكيف يكون المربوب ربا ، وكيف يكون الرب أربابا وليس ثمة إلا رب واحد هو رب الصور؟
٣٤ ، ٣٥ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥))
[التوبة : ٣٤ ، ٣٥]
ظهور المقتضيات البشرية من النواقص والسلبيات الراسخة في طبيعة البشر ، وما نجا منها إلا من رحم الله ، ولهذا تجد في كل أمة رجال دين يكشفون عن كون القلب في القبضة ، وإن كان صاحبه رجل دين ، وترى هؤلاء يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ، فهم منافقون وأحيانا ظالمون ، والدين الحق منهم براء ، وهم عليه دخلاء.
أما الجباه والجنوب والظهور التي تكوى بنار جهنم فهي إشارة إلى سيطرة خواطر السوء على قلب الظالم المنافق الذي تعذبه جند الله من الخواطر بإلقائه في جهنم البعد وإحاطته بسرادق الحجاب والمقت.
٣٦ ، ٣٩ ـ (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٣٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (٣٨) إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩))
[التوبة : ٣٦ ، ٣٩]
النسيء تحليل شهر وتحريم آخر بدله ، كما كانت الجاهليون يفعلون وهو محرم عند الله لأنه سبحانه خالق كل شيء بقدر ، فللجهاد قدر وللسلام قدر ، ولو طغت نار الجهاد على ماء السّلام لاحترق إبراهيم عليهالسلام لما أتاه اليقين وذاق برده ، ولما كان الإسلام سلاما ، كما قال عليهالسلام : (أفشوا السّلام بينكم) ، فالجهاد الإسلامي مفروض لتحقيق الفتح الرباني ، فإذا تحقق فلا جهاد ، قال ابن عربي : سرح أعياننا ، وأباح لنا التصرف في ما كان حجره علينا.