٤٠ ـ (إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠))
[التوبة : ٤٠]
الغار مثل البدن ، وهو الكهف الشهير الذي وصفه أفلاطون ، فقال إنه من فيه يرون صورا على جدرانه يظنونها حقيقة ، وما هي إلا أشباح ، أما الصور الحقيقة فهي خارج الكهف ، والإشارة إلى عالم الكشف الذي يكشف عن الحقيقة عند بلوغ اليقين.
وكان أبو بكر هو الثاني الذي رافق رسول الله صلىاللهعليهوسلم عند هجرته من مكة إلى المدينة ، قال عليهالسلام : (لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله ...) والإشارة إلى أن لثاني اثنين مقام الخليل ، وهو مقام إبراهيم ، وقيل في تعريف الخليل إنه من الخلة ، وهي تخلل الله العبد ذاتا وعينا أي صفة وفعلا ، فالعبد على هذا هيكل أي غار ناره الله أي نوره.
وفي معراج الصوفية مقام اسمه الغراب الأسود ، وتسميه النصارى الليلة الظلماء ، وفيه يبلغ الإنسان مقام المشاهدة الذاتية ، حيث لا يرى في الوجود إلا الله كشفا ، وبكون هذا الإنسان قد نصل من عيانه كما تنسلخ الحية من جلدها ، وينظر فلا يرى له وجودا عيانيا إلا كونه إطارا لصورة ومحلا للفعل والانفعال ، فالإنسان الغراب هو بين الوجود والعدم ، والفناء والبقاء ، لا هو حي فيرجى ، ولا ميت فينسى ، والصاحب الذي يقول له لا تحزن هو صوت الهوية الحقيقية الذي يقول لصاحب الغار ها أنذا فلا تخف ... إذ أن ثاني اثنين في الغار قال لا تخف إن الله معنا ، فلئن فني العبد ، وما عاد سوى فزاعة طيور لتظهر للطيور بصورة إنسان ، فإن الله هو العوض ، ولا يلبث أن يحل محل الإنسان بلا كيف واهبا إياه وجوده الحقيقي وصفاته الإلهية والمدد القيومي الحيوي الذي هو سر الحياة.
٤١ ـ (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١))
[التوبة : ٤١]
النفير الخفيف والثقيل الهجرة بالروح والجسد مع تقديم العلم الذي كني بالمال والأنفس التي هي موضع التكثر.
٤٢ ، ٤٤ ـ (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢) عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ