٦٤ ، ٦٥ ـ (وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ (٦٤) فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥))
[هود : ٦٤ ، ٦٥]
الدابة الجسم الكلي ، وما تأكله في أرض الله تحقيق الغاية من خلقها وهي كونها مطية الروح الذي لا يتحقق ولا يتعين من دونها ، فالدابة تعين الروح ، وعقرها الرضا بالجسم الجزئي دون الرجوع إلى الكلي ، والعقر الذبح فكأن الإنسان بحصره وجوده في نطاق جزئه قد اقتطع من الوجود الذي هو وحدة تامة قطعة ليست له ، وادعى ملكيتها وهذا هو الكفر المبين.
٦٦ ، ٦٨ ـ (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ (٦٨))
[هود : ٦٦ ، ٦٨]
أمر الله ظهوره لتعين الإنسان الكامل الذي هو نبي أو ولي ، ولهذا نجى الله صالحا بعد أن عقر قومه الناقة ... إذ بتجاوز الجزئي إلى الكلي ينجو الإنسان من الجزئيات وعالمها وتناقضها وتغيرها وصيرورتها من عدم إلى وجود ، ثم من وجود إلى عدم ، ويبلغ شاطىء الأمان ببلوغ عالم ربه الثابت الأزلي.
٦٩ ، ٧٠ ـ (وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠))
[هود : ٦٩ ، ٧٠]
البشرى الرؤيا الصالحة التي هي الإيذان بحلول ليلة القدر ، وقد سأل أبو الدرداء النبي صلىاللهعليهوسلم يوما عن البشرى في الحياة الدنيا كما قال سبحانه : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) [يونس : ٦٤] فقال عليهالسلام : (ما سألني عنها أحد غيرك ، إنها الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له). فإبراهيم بلغ باب السّلام لما رأى الرؤيا المبشرة.
والرسل الخواطر التي هي في الأصل جند الله ، وهم جند محاربون لإعمار الأرض ومساجد الله ، فإذا تحقق ذلك ، وانفلقت المعقولات التي هي الأسماء التسع والتسعون في قلب العارف صار الجند رسلا ، ووضعت حرب التناقض أوزارها ، ودخلوا القلب من كل باب ، أي لم يعد ثمة خواطر متفرقة يمينية وشمالية ، بل صارت خاطرا جمعيا أصله واحد هو المطاع وهو السّلام. ولهذا قالت الرسل لإبراهيم : سلاما ، قال : سلام.
والعجل النفس الحيوانية الجزئية التي يقدمها العارف أضحية إلى الله في خلوته. وأيدي