الكلمة الأمر الواقع والنافذ وهو خلق السموات والأرض وفق الناموس الإلهي الثابت والذي له الأجل المحدود. وهذا الأجل هو أجل الأسماء وتفتقها ، وانقضاؤه هو الختام فثمة مرحلة قضائية قدرية محتومة لا بد من حدوثها لملء كوى الأسماء بما تفتقه عياناتها.
١١٢ ، ١١٣ ـ (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣))
[هود : ١١٢ ، ١١٣]
قوله سبحانه : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) هو من قبيل التبليغ وإجراء الحوار بين شقي الذات الفاعلة والقابلة .. إذ هل كان بمقدور النبي أن يرفض أمر الله ولا يطيع ، وعينه عينه ، وعينه في القبضة ، وما له من الأمر شيء وهو لا يستطيع إلا أن يصدع بما يؤمر.
١١٤ ، ١١٦ ـ (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥) فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦))
[هود : ١١٤ ، ١١٦]
إقامة الصلاة تحقيق الصلة بين العبد وربه في الغداة والعشي. والنهار إشراقة الروح في فجر اليقين ، والمراد بالغداة استواء الروح على قلب السالك العارف ... أما العشي فهو بدء انسحاب الروح من حضرة التكليم والتمثيل بالصور في كشفي اليقظة والمنام إلى فلك آخر هو فلك الرموز لا غير. قال الإمام النفري : العبارة حرف ولا حكم لحرف. تعرفي إليك بعبارة توطئة لتعرفي إليك بلا عبارة. الأفكار في الحرف والخواطر في الأفكار ، وذكر الخالص من وراء الحرف والأفكار. الحرف فج من فجاج إبليس.
فالمخاطبة تبقى على حال فيه أنا وأنت ، وهو المدخل إلى علم التوحيد لكن بعد إتمام الدراسة في الخلوة تبدأ مرحلة أخرى تنسحب فيها الذات الفاعلة من الحوار لتخاطب بصور الرموز من المحسوسات في المنامات ، ليتهيأ العبد لاحتلال مكانة المرآة الإلهية حيث تصير الأنا هوية إلهية فيفنى العبد ، ويبقى بالله ، ويسمى عبد الله. وإلى هذه المرحلة أشارت الآية قائلة : (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ).
١١٧ ، ١١٨ ـ (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨))
[هود : ١١٧ ، ١١٨]
قلنا القرية البدن ، والقرى الجسم الكلي الحاوي للأسماء والممثل لها والمظهر. ولما كانت الأسماء جمالية وجلالية ، وباطنها النور الإلهي. فإن الله لا يؤاخذ ممثلي أسماء الجلال بظلمهم ، فإن وجود هؤلاء ضرورة لممثلي أسماء الجمال ، وسمى الله تعينات