يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦) لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧))
[يوسف : ٦ ، ٧]
في الآية رد على القائلين إنه لا يعلم تأويل القرآن إلا الله ، وأنكروا أن يكون الراسخون في العلم يعلمون التأويل ، بل هم يؤمنون فقط بوجود المحكم والمتشابه كما جاء في الآية : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) [آل عمران : ٧]. فلو لم تكن ثمة صفوة مصطفاة لتعلم التأويل لمّا قال سبحانه إن للقرآن تأويلا ، ولمّا قال عليهالسلام : (إن لكل آية من آيات كتاب الله ظهرا وبطنا ولبطنه بطن إلى سبعة أبطن).
ف لله رجال اختيروا ليعلمهم الله تأويل الأحاديث ، وكتاب الله حديث من هذه الأحاديث.
٨ ـ (إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨))
[يوسف : ٨]
قول الأسماء العلمية لبعضها بعضا إن الاسم العليم ، وهو ما رمز إليه بمقام يوسف ، هو أحب إلى الأب الذي هو الروح الفاعل في الإنسان ، فهو لهذا بمثابة الأب. ولهذا غارت الأسماء من الاسم العليم ، إذ لا يساوي في الوجود شيء قيمة العلم وأهل العلم. وتجد في إحياء الغزالي حديثا مطولا عن العلم ومكانته ونفاسته وشرفه وأهله ، وما أعد الله للعلماء الذين هم اسمه.
٩ ، ١٠ ـ (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ (٩) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (١٠))
[يوسف : ٩ ، ١٠]
غيابة الجب عالم الطبيعة والعناصر ، فهو كالجب وظلمته لكثافته ، والسيارة النفس الكلية التي هي الوجه الباطن لعالم الطبيعة وهي أصله ولا انفكاك لها عنه.
١١ ، ١٣ ـ (قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ (١١) أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١٢) قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ (١٣))
[يوسف : ١١ ، ١٣]
الذئب النفس الحيوانية المدبرة أمور الجسد ، ولها قوتان الشهوة والغضب ، كما أن لها خواطر سميت وسوسة ، وهمّ هذه النفس أن تأكل القلب بالإستيلاء عليه بشباك الشهوات.
١٤ ـ (قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤))
[يوسف : ١٤]
رد الأسماء على اعتراض الروح بأن لها وجودها أيضا ، فليست الخواطر كلها مصدر