علما أن هيغل حذر من هذه المحاولات وقال : الغاية من الفلسفة ليست تحديد مثل أعلى للكمال من غير الممكن الوصول إليه ، بل فهم الواقع لإعادة بنائه ديالكتيا ، وتعرف الطابع العقلي منه ، ومن هنا فإن مهمة الأخلاق أن تشاهد لا أن تحكم.
١٨ ـ (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٨))
[الرعد : ١٨]
لا شيء يعدل عثور الإنسان على الله ، فلقد خرج الإنسان إلى هذه الدنيا ومن حوله حجب لا عدد لها كلما كشف منها حجابا رأى حجابا ، ويظل الإنسان ضحية الشعور بالغربة والنقصان والسآمة والملل ، ولا تفيده ملذات الدنيا وكنوزها قاطبة ما لم يلب نداء ربه ويفر إليه ، ويحظى به ، وهذه هي جنة الرضوان.
١٩ ، ٢١ ـ (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٩) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (٢١))
[الرعد : ١٩ ، ٢١]
شككت المشركون والملاحدة في ما نزل على النبي ، وحومت الشكوك الحديثة حول الوحي النبوي بالذات ، وقالوا : وما محمد إلا عبقري أتى بما أتت به العباقرة ، ونفوا الصلة التي بينه وبين ربه ، وكيف تكون هناك صلة وهم لا يؤمنون بالله ووجوده ، ويجعلون في الأرض ألف إله.
والقضية متعلقة بالإنزال الإلهي نفسه ، لأن ثمة بونا شاسعا بين ما هو إلهي وما هو بشري. فالإنزال الإلهي حكيم عليم بمصالح الإنسان وما يناسبه من النظم والشرائع ، في حين أن العبقرية البشرية تصيب وتخطىء ، وتجد حلولا مؤقتة لمشكلات ، فلا تكون الحلول ناجعة ولا دواء للأدواء ولهذا اتسمت الشريعة الإلهية بالإصابة والخلود في حين كان التغير والتبدل من سمات الشرائع الوضعية.
٢٢ ـ (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (٢٢))
[الرعد : ٢٢]
درء السيئة بالحسنة درء الظهور الإنساني بالظهور الإلهي ، وهي نقلة بشرية يصبح الإنسان بعدها إنسانيا إلهيا مؤهلا للخلافة الآدمية التي هي المطمح والمآل.
٢٣ ، ٢٤ ـ (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤))
[الرعد : ٢٣ ، ٢٤]