الجنات جنات العلم والقرب ، ومن صلح من الآباء والأزواج والذرية والملائكة هم من صلح من الجمعية الأسمائية التي فيها من كل ظهور بشري وغير بشري ، ومن صلح من البشر الموحدون الذين عرفوا الله بتعرفه إليهم فصلحت الدار ، وصلح أصحابها ، وظهر الله بوجهه الجميل.
٢٥ ـ (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥))
[الرعد : ٢٥]
الإشارة إلى الشطر الثاني من الجمعية الأسمائية ، وتضم ممثلي أسماء الجلال الذين هم محل القهر وهدفه وأدواته وأسلحته. وقال جلال الدين الرومي : الحرب صدى لقهره ، ونضيف والفساد أيضا ، وقال سبحانه واصفا نشاط هذا الشطر السلبي من الأسماء بقوله : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [الروم : ٤١].
٢٦ ـ (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ (٢٦))
[الرعد : ٢٦]
الرزق العلم ، والبسط والقدر إتيان ممثل الاسم حظه من اسمه إيجابا أو سلبا ، نورا أو ظلمة ، قهرا أو لطفا ، كما قال سبحانه في يحيى عليهالسلام : (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (١٤)) [مريم : ١٣ ، ١٤].
وقوله : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ) يعني بقاء ممثل الاسم سجين اسمه لا يتجاوز هذا الجزء المجزوء إلى فلك الكلية الإلهية الجامعة ، وما دام الإنسان سجين اسمه فلا حظ له من علم التوحيد ، ولا حظ له من الآخرة ، لأن من طبيعة الأسماء اقتران وجودها بالوجود الطبيعي الحسي ، فلا فراق بين الاسم وظهوره ولا انفصام بين الصفة والموصوف ، والنتيجة الحكم على من يبقى سجين هذه الدائرة الجزئية ببقائه ضمن فلك الحس المتقلب حيث أمواجه ترتفع وتخفض وتقرب وتبعد ، وهذا الطراز من الحياة هو الذي وصفه سبحانه بقوله في موضع آخر : (كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) [النور : ٣٩].
٢٧ ـ (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧))
[الرعد : ٢٧]
ليس لله من حاجة في أن ينزل الآيات ، ولئن فعل فمن باب الرحمة بالمؤمنين لا من باب القهر عن طريق البصر والعقل. فالمعجزة إن وقعت لا تؤثر إلا في المؤمنين ، قال الروائي الفرنسي أميل زولا : لا أؤمن بالمعجزة حتى ولو رأيت بأم عيني جميع المرضى يشفون في