النفوس الجزئية ، وهذا المجموع هو أجل النفس الكلية ، ولا أجل لهذه النفس لأنها شعاع الله الصادر الدائم ما دامت السموات والأرض.
٦ ، ٨ ـ (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (٨))
[الحجر : ٦ ، ٨]
طلب الإتيان بالملائكة طلب رؤية ما لا يرى ، أو أنه يرى ولكن لا تعلم حقيقته ، والملائكة معقولات صرفة بحاجة إلى ما به تظهر ، فهي مثل الحق صفات بحاجة إلى موصوف لتظهر به ، فلا فصل لهذا عن ذاك ، والحقيقة أن الحقيقة في صور كل بني آدم ولكن الغافلين لا يعلمون ، ولقد سأل رجل أبا يزيد البسطامي عن اسم الله الأعظم وأين يكون ، فالتقط البسطامي حصاة ، ورمى بها السائل إشارة إلى أن السائل هو المسؤول ، وأن كل جزيء هو جزء من اسم الله الأعظم ، وما هذا الاسم الجامع سوى الوجود الظاهر ومن فيه ، فطلب الإتيان بملك ورؤيته مستحيلان ، لأن فصل المعقول عن المحسوس مستحيل ، وهذه حقيقة اكتشفها أرسطو ، وانتقد بها أستاذة أفلاطون الذي قال بوجود مثل خالصة في عالم منفصل ، فرد أرسطو بأن فصل المثل عن ظواهرها مستحيل.
٩ ، ١١ ـ (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١١))
[الحجر : ٩ ، ١١]
الذكر القرآن ، وسبب نزول الآية أن كتب الله السابقة كالتوراة والإنجيل حرفت وبدلت ، وقالت : إن الله يلد ، وإن الإنسان إله أو هو الله ، فشوهت بذلك حقيقة التوحيد ، وكان الرد أن أنزل الله القرآن ، وحفظه من التحريف ، ولقد ظل القرآن أربعة عشر قرنا كما أنزل لم يبدل منه حرف على الرغم من كل ما تعاقب على الإسلام والمناطق التي انتشر فيها من حروب وكوارث وفتن كانت تستهدف العبث بكتاب الله وتحريفه تحقيقا لأهداف سياسية وأطماع توسعية.
١٢ ـ (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢))
[الحجر : ١٢]
قوله سبحانه : (نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ،) يعني أنه هو سبحانه الذي ألهم الكافرين أن يستهزئوا بالقرآن ، فهذا أيضا من المكر الإلهي الذي يأخذ العيان بالعين ولا إله إلا هو ، ولهذا قال سبحانه في موضع آخر : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) وقوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) [البقرة : ٢٥٣].
١٣ ، ١٥ (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا