فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥))
[الحجر : ١٣ ، ١٥]
عدم الإيمان سنة مثلما أن الإيمان سنة ، لأن سنة الإيمان تقتضي سنة عدم الإيمان ، فمن دون عدم الإيمان ما كان للإيمان قيمة ولا دور ، وهذا جوهر اللعبة الأسمائية لإبراز جوهر التوحيد ، والكافرون محجوبون بالاسم ، والاسم عين ، فعينهم أي بصيرتهم هي المحجوبة ، ومثلهم كمن يضع على عينيه نظارة سوداء ، فيرى الدنيا سوداء ، ولا يمكنه أن يراها إلا سوداء ، ولا يصدق أنها ليست سوداء حتى وإن قال له الناس جميعا إنها بيضاء.
١٦ ـ (وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ (١٦))
[الحجر : ١٦]
البروج اثنا عشر برجا وهي معروفة في علم الفلك ، وهي الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان العقرب والقوس والجدي والدلو والحوت ، وهي منازل الكواكب السيارة.
والأبراج تتحكم في طباع الناس وأجسامهم ونشاطاتهم وقلوبهم وميولهم وولادتهم وحياتهم ومماتهم ، فالأمر من الواحد الذي هو ليس بعدد كما تقول علماء الرياضيات بل هو أصل الأعداد ، ثم إلى الاثنين الذي هو الروح أو العقل الفعال ، ثم إلى النفس الكلية ذات الأسماء المشعة ، ثم إلى النفوس الجزئية ، فمن حيث المنظور فالمنظر دائرة مركزها الحق ومحيطها الخلق ، ومن المركز إلى المحيط أشعة يبثها العقل ، فتستقبلها النفس ، فتنكسر هذه الأشعة عبر مرايا المعقولات ، فيصدر منها الخواطر سلبية وإيجابية تفعل في الأفكار فعل الباطن في الظاهر ، ودور الأبراج في هذا المنظور الوصل بين الباطن والظاهر ، والمحّدث والمحّدث ، والملهم والملهم.
١٧ ـ (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧))
[الحجر : ١٧]
ليس في دائرة الأسماء شيطان لأن الشيطان هو البعد كما يعني فعل شطن ، فعلى الله لا يخرج أحد حتى ولا الشيطان ، فالوجود للفتق ، والفتق تحريك ، والتحريك حركة العالم ، وحركة الشيطان تحريك ولها قصد هي من الإبعاد تقريب.
١٨ ـ (إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (١٨))
[الحجر : ١٨]
الشهاب النور المساعد وهو الذي يقوم بدور حفظ السموات وأبراجها أي النفوس والأفلاك الدوائر الدائرة فيها ، فلكل اسم فلك ، ما لصاحبه على الخروج عليه من قوة ، فهو في فلكه دائر كما الأجرام جميعا ، كبيرها وصغيرها ، نباتيها وحيوانيها وإنسانيها ، فما في الوجود إلا أجرام محركها الحق سبحانه.