٧٩ ـ (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (٧٩))
[الحجر : ٧٩]
الإمام الطريق أيضا ، والطريق الثانية تؤكد أن الاعتماد على عالم العيان فقط لا يفضي إلى الحقيقة ، وترى الغربيين ما يزالون يلاحقون هذه الحقيقة ، فكلما لاح لهم قبس منها حاولوا الظفر به ، ثم إذا هم مفلسون خائبون ، ولقد وصل الغرب إلى القمر ، وحط رواده عليه ، وطافت مراكبه الفضائية بالزهرة والمريخ ، وغاص علماؤه في لجة النفس في محاولة لكشف حقيقة النفس والروح ، ومع هذا فهم لم يخرجوا بشيء ، وظلت أقوال الأنبياء والروحانيين القدامى مثل نجوم السماء مضيئة تهدي الناس في ظلمات البر والبحر ، فأقوال الروحانيين خالدة لا يغيرها الزمان والمكان ، وأقوال الماديين آنية متبدلة خاضعة لتأثير الزمان والمكان.
٨٠ ، ٨٤ ـ (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٨١) وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (٨٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (٨٣) فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٤))
[الحجر : ٨٠ ، ٨٤]
الجبال والبيوت القلوب في جبال الأبدان ، فما ثمة إلا قلب في جسد كليين في هذا العالم الكبير ، فمن لم يؤمن بالكليات الخالدة وكونها جميعا لله ، وأن الإنسان لها مظهر وصورة ، فمصيره الأخذ بصيحة الحق.
٨٥ ، ٨٦ ـ (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨٦))
[الحجر : ٨٥ ، ٨٦]
الصفح نتيجة لكون الوجود المادي مسرح نشاط الأسماء التي شاء الله إظهارها ليظهر بها ، ونشاط الأسماء لعبة ، وقد وصف سبحانه الحياة بأنها لعب ولهو وأنها متاع الغرور ما لم يكتشف الإنسان أين الله في الطبيعة ودور الله في حكمها ، والصفح المآل ، لأن الأصل كما قلنا لعبة فرقت الناس ، كشأن كل لعبة ، أصحاب شمال وأصحاب يمين ، ولا شمال ولا يمين وليس ثمة إلا الله وحده لا شريك له ، قال جلال الدين الرومي : لقد أوجدت ال ـ أنا ونحن ، لتلعب مع نفسك لعبة العبادة.
٨٧ ـ (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧))
[الحجر : ٨٧]
المثاني السبع الصفات الإلهية السبع وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام ، ولما كان النبي صلىاللهعليهوسلم قد قال : (إن المثاني هي الفاتحة) ، وكانت الفاتحة قد قسمت الناس قسمين مهديين وضالين ، كانت النتيجة الوصول إلى الحقيقة المحمدية التي هي الإنسان