الكامل ، وقد وصف عبد الكريم الجيلي الحقيقة المحمدية قائلا : الإنسان الكامل مقابل لجميع الحقائق الوجودية بنفسه ، فيقابل الحقائق العلوية بلطافته ، ويقابل الحقائق السفلية بكثافته ، وأول ما يبدو في مقابلته الحقائق الخلقية ، يقابل العرش بقلبه ، قال صلىاللهعليهوسلم : (قلب المؤمن عرش الله) ، ويقابل الكرسي بأنيته ، ويقابل سدرة المنتهى بمقامه ، ويقابل القلم الأعلى بعقله ، ويقابل اللوح المحفوظ بنفسه ، ويقابل العناصر بطبعه ، ويقابل الهيولى بقابليته ، ويقابل الهباء بحيز هيكله ، ويقابل الفلك الأطلس برأيه ، ويقابل الفلك المكوكب بمدركته ، ويقابل السماء السابعة بهمته ، والسادسة بوهمه ، والخامسة بهمه ، والرابعة بفهمه والثالثة بخياله ، والثانية بفكره ، والأولى بحافظته ... ثم يقابل زحل بالقوى اللامسة ، والمشتري بالقوى الدافعة ، والمريخ بالقوى المحركة ، والشمس بالقوى الناظرة ، والزهرة بالقوى المتلذذة ، وعطارد بالقوى الشامة ، والقمر بالقوى السامعة ، ثم يقابل فلك النار بحرارته ، والماء ببرودته ، والهواء برطوبته ، والتراب بيبوسته ، ثم يقابل الملائكة بخواطره ، والجن والشياطين بوسواسه ، والبهائم بحيوانيته ، ويقابل الأسد بالقوى الباطشة ، والثعلب بالقوى الماكره ، والذئب بالقوى الخادعة ، والقرد بالقوى الحاسدة ، والفأر بالقوى الحريصة ، وقس على ذلك بقية قواه ... ثم أنه يقابل الطير بروحانيته ، والنار بالمادة الصفراوية ، والماء بالمادة البلغمية ، والريح بالمادة الدموية ، والتراب بالمادة السوداوية ، ثم يقابل السبعة الأبحر بريقه ومخاطه وعرقه ونقاء أذنه ودمعه وبوله والسامع المحيط ، وهو المادة الجارية بين الدم والعرق والجلد ... ثم يقابل الجوهر بهويته وهي ذاته ، ويقابل العرض بوصفه ثم يقابل الجمادات بأنيابه ، ثم يقابل النبات بشعره وظفره ، ثم يقابل الحيوان بشهوانيته ... ويقابل مثله من الآدميين ببشريته وصورته ، ثم يقابل أجناس الناس ، فيقابل الملك بروحه ، والوزير بنظره الفكري ، والقاضي بعمله المسموع ورأيه المطبوع ، ويقابل الشرطي بظنه ، والأعوان بعروقه وقواه جميعها ، ويقابل المؤمنين بيقينه ، والمشركين بشكه وريبه ، فلا يزال يقابل كل حقيقة من حقائق الوجود برقيقة من رقائقه.
٨٨ ، ٨٩ ـ (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩))
[الحجر : ٨٨ ، ٨٩]
الأزواج أصحاب الصفات ، ومنهم أصحاب الشهوات ومحبو زينة الحياة الدنيا ، وهؤلاء كالأنعام بل هم أضل ، والله سبحانه جعل الحياة الدنيا وزينتها سرابا يحسبه الظمآن ماء ، فإذا