أى يخرجون من أجداث أبدانهم ، وتنشق عنهم قبور هياكلهم ، ويقومون بالله إذ ليس من محرك ولا حي بذاته سواه.
٣٩ ، ٤٠ ـ (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ (٣٩) إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠))
[النحل : ٣٩ ، ٤٠]
فعل كن يفسر كيف يكون الناس أمواتا أحياء ، أمواتا بأنفسهم أحياء بالله ، وكيف يكونون صامتين ناطقين ، صامتين بأنفسهم ناطقين بالله ، وكيف يكونون حملة الجوهر الدفين ، وما هم إلا دابة الأرض ، وأن هذا الوجود ما كان له أن يكون ، لو لا كون الله جوهره ومحركه وديمومته ومقلبه ، وعلى هذا قالت الصوفية : إن فعل كن الإلهي لم يدع خطرة ولا فكرة ولا تقلبا ولا حركة إلا وكان هو مسببها ، وإن هذا على التحقيق معنى كون الله وحده الفاعل على انفراد.
٤١ ، ٤٢ ـ (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢))
[النحل : ٤١ ، ٤٢]
الهجرة في الله الهجرة إلى الله ، ووصف هذه الهجرة بأنها في الله له لطيفة ، ذلك أنه لما كان لله ملك السموات والأرض ، وكان المضل الهادي ، الرافع الخافض ، والنافع الضار ، فالنتيجة أن الإنسان كيفما تحرك وأنى قصد فهو في الله.
فوصف الهجرة بأنها في الله هو بمعنى الإحاطة ، فما من دابة في الأرض ، ولا طائر بطير بحناحيه إلا وهجرتهما في الله ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، وخص الله المهاجرين إليه بأنه سيبوئنهم في الدنيا حسنة ، والحسنة الإحسان أو مقام اليقين الذي متى بلغه الإنسان عرف ربه ، وإلا فهو في هذه الدنيا أعمى وفي الآخرة أعمى ، ومن لم يعرف الله في الدنيا لن يعرفه في الآخرة.
٤٣ ، ٤٤ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤))
[النحل : ٤٣ ، ٤٤]
ترد الآية على من كذب القائلين من النبيين إن الله يوحي إليهم ... ذلك أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما بدأ دعوته قائلا إنه رسول الله ، وإنه يوحى إليه كذبه كثيرون ، ومنهم أعمامه ، فنزلت الآية تؤيد النبي مستشهدة باليهود أصحاب التوراة والنصارى أصحاب الإنجيل.
٤٥ ، ٤٦ ـ (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٤٥) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٤٦))
[النحل : ٤٥ ، ٤٦]
الأرض هنا بمثابة البدن ، إذ البدن أرض النفس وهيكلها وخسف الأرض خسف البدن ، أو