لدى قراءة القرآن.
٩٩ ـ (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩))
[النحل : ٩٩]
الناس فريقان فريق للشيطان عليهم سلطان فلا مفر لهم منه ، وفريق ليس له عليهم سلطان وهؤلاء يجد الشيطان في طلبهم فلا يستطيع أخذهم ، والحفظ من الشيطان لله ، فلا حافظ سواه ، ولو لا الله ما كان للإنسان أن ينجو من الوسوسة وخواطر السوء ، والملاحظ في المحاورات والمماراة أن كل فريق يتمسك برأيه حتى ولو كان هذا على حساب المنطق ، فمن كان الشيطان وليه كان منطقه من منطق وليه فلا حوار معه ، فإذا كان الفكر ما يميز الإنسان عن الحيوان فالفكر بدوره مطية للشيطان إذا ركبه ساقه سوق البعير إلا من عصم الله ورحم ، فهؤلاء هم الناجون.
١٠٠ ـ (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠))
[النحل : ١٠٠]
الإشارة إلى الصلة بين الصفة والموصوف والعلة والمعلول ، وفي هذه الصلة الرجوع إلى طبيعة الاستعداد ، فالتولي مثل عملية التبادل التي كنا تحدثنا عنها بين علية العلة ومعلولية المعلول ، والملاحظ أن البخيل مرتاح إلى بخله ، وهو لا يرتاح إذا خرج عن بخله ، فهنا يكون التولي صلة متبادلة بين الوسوسة والقلب الموسوس فيه ، فطبيعة المحل تقتضي توافقا بينها وبين ما يحل في المحل وإلا لما كان ثم قبول لخاطر السوء ، وثمة نتيجة مترتبة على هذا التلاؤم والتوافق ، فمن كان وليه الشيطان غفل عن حضور الشيطان فيه ، وغفل بالتالي عن أن الوسوسة هي وسوسة وظنها تفكيرا وأنها تفكيره ، فأنكر بالتالي خاطر السوء ووجود الشيطان ، وهذه ملاحظة عند الملحدين الذين ينكرون وجود الشيطان علما أنهم هم أول ضحاياه.
١٠١ ـ (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١))
[النحل : ١٠١]
تحدثت الآية عن قضية الناسخ والمنسوخ في القرآن ، وهي قضية كثر النقاش فيها والجدل ، وتساءل المرجفون : كيف يقول الله قولا ، ثم يعود فينفيه أو ينسخه؟ والحقيقة ذات علاقة بالعلم الإلهي المقيد بالزمان والمكان ، وكنا قد ناقشنا موضوع هذا الضرب من العلم الذي هو علم متطور بتطور الأحداث وشعاره في القرآن حتى نعلم ، وليعلم ، وعلم الله ، وقلنا : إن السهروردي هو أفضل من ناقش موضوع علم الله المقيد هذا والذي لا يقدح في ذات الله ، ومجمل القضية أن الله يطرح شعارا ، ثم يرى نتائج انفعال الناس له ، والناس أجناس ، وهم ممثلو الأسماء الجزئية التي منها المتقابل والمتجانس والمتناقض ، فهذا