وراء الصلاة وحركاتها صعب ، وما يقال في الصلاة هو قول ثقيل.
٢ ـ (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (٢))
[الإسراء : ٢]
الإشارة إلى أهل الظاهر ألا يتخذوا وكيلا من دون الله ، وهو جوهر ما قلناه في الصفحات السابقة ، فلا تجعل مع الله وكيلا حتى ولا نفسك ، إذ هو الكل والجزء وجامع الأجزاء ، وهو النفس وخالق النفس ، والقلب ومقلب القلب ، والروح وفعالية الروح ، قال عبد الكريم الجيلي : سبحان من جعل الإنسان نسخة له كاملة ، ولو نظرت إلى نفسك ودققت لوجدت لكل صفة منه نسخة من نفسك ، فانظر هويتك نسخة أي شيء ، وأنيتك نسخة أي شيء ، وروحك نسخة أي شيء ، وعقلك نسخة أي شيء ، وفكرك نسخة أي شيء ، وخيالك نسخة أي شيء ، وصورتك نسخة أي شيء ، وبصرك وحافظتك وسمعك وعلمك وحياتك وقدرتك وكلامك وإرادتك وقلبك وقالبك كل شيء منك نسخة أي شيء من كماله وصورة أي حسن من جماله.
٣ ـ (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً (٣))
[الإسراء : ٣]
ذرية نوح هم الموحدون ، إذ أن فلك نوح الذي نجا من طوفان هيولى عالم العناصر هو المعرفة الحقة التي تخرج الإنسان من ظلمات الجهل ، لتدخله في نور العلم والعرفان.
٤ ـ (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤))
[الإسراء : ٤]
الإشارة إلى أهل الظاهر أيضا وقد وصفوا بأنهم مفسدون ، وجاء في الآية أنهم فسدوا مرتين ، وكان فسادهم الأول حين قتلوا زكريا ، وزكريا في القرآن إشارة إلى العقل ، والفكر أي النظر الفكري ، وتم الفساد حين فصل الفكر عن أصله الروحاني ، وهو ما يسمى في الفلسفة الحدس أي الاستنارة بأنوار المعقولات القبلية التي هي أساس كل معرفة وعلم ، وحصر النظر الفكري في عالم الحس والتجربة الحسية وعدم قبول أي حقيقة إلا من طريق العلم التجريبي ومعطيات هذا العلم ... وهذا ما تفعله حضارة القرن العشرين التي وسم أعلامها الدين بأنه الجهل ، وبأن ما يقوله المؤمنون هو خرافات ، في حين أن العلم التجريبي وحده هو الأساس وهو المعتمد والمقبول ، والإسلام ليس ضد العلم التجريبي ، بل حث النبي على طلب العلم ولو في الصين ، والله ما خلق العالم وما فيه من قوانين إلا ليدرس ويتفكر في هذا الخلق العظيم ، ولكن الله حذر من فصل الدين عن الدنيا ، وقال إنه أمد الإنسان بمدد من عنده هو الحدس العقلي أولا كما قال برجسون وكانط وهيغل ، كما أمده بالكشف الصوفي والعلم اللدني الذي قال به موحدون من جميع الأديان مثل أفلوطين وفيلون وأعلام الصوفية