٧٣ ـ (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣))
[الإسراء : ٧٣]
ظاهرا عنيت الآية أصحاب النفوس المظلمة الذين لا يريدون إلا الظلام ويكرهون النور ، ويفرون منه ، ويحاولون جاهدين حمل الناس على أن يسلكوا طريقهم ، وباطنا فالآية عنيت إلهام الاسم من جديد ، وإلى هذا أشير في الآية بالقول بالخلة والخلة ما تخلل الشيء ، وما يتخلل الإنسان حديث نفسه ونجواها أي حديث اسمه وصفته ، فمن كان من أصحاب اليمين توجه به اسمه جهة اليمين ، ومن كان من أصحاب الشمال توجه به اسمه جهة الشمال.
٧٤ ، ٧٥ ـ (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (٧٤) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (٧٥))
[الإسراء : ٧٤ ، ٧٥]
تمييز الخير من الشر وتمييز الخواطر نفسها هو من فعل الله عزوجل ... وإلا فكيف يفسر الإنسان قبول الإنسان معقولات ورفضه أخرى؟ وعند المماراة والمحاورة كثيرا ما يصادف الإنسان من لا يوافقه على رأيه ... فمعقول الشجاعة نفسها هو في نظر الجبناء جنون وكذلك الكرم والتضحية بالمال والنفس.
والحق خاطب الرسول باعتباره وحيه وإلهامه ، وكثيرا ما قلب الناس للنبي الفكر والأمور وخاصة وأنه كان زعيما في ميداني الروح والمادة ، ويقول الحق سبحانه : إنه لو لا تأييده النبي بما هو أصح وأحكم لما استطاع النبي الصمود في موافقه المشهورة.
لهذا تابعت الآية الخامسة والسبعون موضحة ما يقع للإنسان الذي يرغب عن سماع وحيه وضميره ... ففي هذه اللجة منذا الذي يهدي الإنسان في الظلمات إلا الله؟
٧٦ ـ (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (٧٦))
[الإسراء : ٧٦]
الخروج من الأرض الخروج عن العقيدة ، فالمعقولات المطروحة من قبل الحق جديدة ، وقد يبدو منها ما هو معقول مقبول ، وقد يبدو منها ما هو صعب أو مستحيل كالنفير في الحر ، والصيام في الصيف ، وبيع الله المال والنفس ... وهذه كلها مواقف صعبة ولكن الله يثبت الذين آمنوا ، ويؤيدهم ، ويربط على قلوبهم ، ويفرغ عليهم الصبر ، وينزل في قلوبهم السكينة حتى يجيء نصر الله والفتح.
٧٧ ـ (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً (٧٧))
[الإسراء : ٧٧]
سنة الله الجهاد ، وسبق أن بينّا دور الجهاد في الحياة ، إذ لا حياة بلا جهاد ، وأشرنا إلى