المحسوس والمعقول ، وبين البشر والملائكة وبين البشر والروح
٩٦ ـ (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٩٦))
[الإسراء : ٩٦]
الشهيد من شهد ، وعلى الحقيقة فالله هو السميع البصير الشهيد ، وما العبد إلا واسطة وآلة للروح الكلي الذي اخترع آلة الإنسان ليظهر بها ، ولهذا جاء في الآية قوله : (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ،) فبين الناس والنبي ليس ثمة إلا الله ، والنبي يعلم هذا لما له من الكشف.
وتحفل كتب الصوفية بوصف المشاهدة التي يكون ظاهرها الخلق وباطنها الحق ... وتعد فلسفة ابن عربي مثلا على أن الله هو الوجود والموجود فقط ، وأن لا حقيقة سواه ، وأن ما سواه هياكل وأشباح ، ولهذا يتصل الصوفي بربه ، ولا ينفصل عنه حتى وإن ظل بين البشر.
٩٧ ـ (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (٩٧))
[الإسراء : ٩٧]
الإشارات إلى الحجب المسدلة بين الحق والضالين الذين يرون ويسمعون ويتكلمون ، ولكنهم يجهلون من الرائي والسامع والمتكلم على الحقيقة ، وأورد ابن عربي قول أبي بكر ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله ، وتساءل من الرائي؟ وأجاب هو ، ثم تساءل من القائل؟ وأجاب هو ، ثم تساءل من السامع؟ وأجاب هو ، فليس ثمة إلا هو.
٩٨ ، ٩٩ ـ (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩))
[الإسراء : ٩٨ ، ٩٩]
كنا قد تحدثنا عن الخلق المتجدد والبعث المتجدد ، ويكفي الإنسان مثلا أن يحاول إيقاف تنفسه وعمل آلاته أو حتى تفكيره فيكتشف كم هو عاجز عن تحقيق ذلك ... ثم كم حاولت العلماء الاحتفاظ بالشباب وإبعاد شبح الشيخوخة ، وكم حاول جبارون الفرار من الموت ، ويكتشف الإنسان ، على مر الزمان مدى عبوديته ومدى كونه آلة ومركبة للحق والروح والقوى الغيبية.
١٠٠ ـ (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠))
[الإسراء : ١٠٠]
جبلت الأنفس على الشح ، وأول ما تتصف به النفس بعد تفتح وعيها هو الشح الذي سمي