الحديث القدسي : (ما وسعتني السموات ولا الأرض ولا الجبال ووسعني قلب عبدي المؤمن).
١٠ ، ١١ ـ (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (١٠) فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (١١))
[الكهف : ١٠ ، ١١]
الفتية صور القوى الإلهية التي سكنت الكهف ، والضرب على الآذان إسدال الحجاب على هذه القوى لتمارس قواها بإذن ربها ، والسنون العدودة الأجل المحدد لهذه القوى لتبقى مستورة محجوبة ، ويمارس الإنسان قواه ، ويستخدم حواسه ظانا أنها هو ، وأنه هي ، وأن لا فصل بينه وبينها بينما تثبت الملاحظة الدقيقة ، ويثبت الاستبطان النفسي والتأمل في الخلق أن الذات غير الجسد ، وأن القوى خادمة للذات ولكنها ليست هو ، وقد فصلنا الكلام في هذه الحقيقة في كتابنا الإنسان الكبير ، وأوردنا نتائج الملاحظة واستبطان النفس خارجين بنتيجة أننا ضيوف نازلون على أجسادنا ، وأن جسدنا خادم لنا ، وأن للجسد عالمه ونظامه وغريزته ونفسه وولادته وحياته وموته وبعثه.
١٢ ـ (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (١٢))
[الكهف : ١٢]
البعث تعين الإنسان الكامل وبعث روحه الكلي فيه ، والبعث هنا يقظة واستيقاظ كما قال هيغل إن الروح تكون في الإنسان في حاله نعاس أو سبات ثم تستيقظ.
والحزبان النفس الكلية من جهة والنفس الجزئية من جهة أخرى ، ومن كليهما كان آدم وحواء ، ومن آدم وحواء كان الإنسان ... فالحديث عن النوع ، والإحصاء تحقيق ماهية النوع ، فالحديث إذن عن الإنسان الكلي ، والناس أفراد هذا الإنسان.
١٣ ـ (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً (١٣))
[الكهف : ١٣]
من الطبيعي أن يكون الفتية مؤمنين بربهم ، وقد ورد في كتاب الله كيف تشهد الجوارح على الإنسان يوم القيامة كالأيدي والأرجل والجلود ، فالجوارح مؤمنة بالضرورة ، لأن قوامها النعت الأصيل ، ومحركها هذا النور ، وهي آلات ، فكيف تكون غير مؤمنة؟
وزيادة الهدى ممارسة الجوارح عملها ، فالهدى هنا هدي الجارحة إلى عملها مثلما يلتقف الرضيع ثدي أمه بالفطرة والغريزة ويشرب ، ولو تفكر الإنسان في جسده وكيفية عمل أجهزته لأخذه الدهش بله الخوف ، فالجسد معمل كبير مدهش ، وما يزال الطب يكتشف أسراره شيئا فشيئا ، وما جهله أكثر مما عرفه.