انتقى اسم الرب ، فما ثمة إلا الله وحده الواحد الأحد.
٥٨ ، ٦٠ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا (٥٨) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (٦٠))
[مريم : ٥٨ ، ٦٠]
قوله : (خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا ،) إشارة إلى اتباع الموصوف صفته ، والمعلول علته ، والمربوب ربه ، وهؤلاء الموحدون موحدون قديما ، فإذا خرجوا من عالم الذر ، أي من كونهم ذرا في العالم العقلي النوراني العلمي إلى العالم العياني خرجوا بالضرورة والفطرة ساجدين ، لأن المعقول يتقدم المحسوس ، والإطار يؤطر الصورة ، فلا خروج لأحد على معقوله وإطاره ، وفي الحديث : (لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين) ..
٦١ ـ (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١))
[مريم : ٦١]
الوعد المأتي الشهادة الصغرى ثم الشهادة الكبرى اللتان تليان القيامتين الصغرى والكبرى ، وثمار الوعد جنات عدن حيث تضع حرب التناقضات أوزارها ، وينام الحمل في حضن الذئب ، ويسود السّلام الأبدي الذي كان قبل أن تشتعل نار حرب التناقضات فليس ثمة من خلاص إلا استغاثة الله والاستعاذة به خلاصا من الازدواجية والتناقضات ، أما التوجه إلى العالم فلن ينجم عنه إلا المزيد من التناقضات ، فحرب الأسماء بلا نهاية ، والعالم البراني له حرارة الحمام الجواني ، وترى الغربيين الذين أبعدوا في مجال الحضارة العلمية يزدادون تعاسة وضياعا وشعورا بالعبث واللاجدوى ، وما اللجوء إلى المخدرات إلا وسيلة لتناسي ما يعاني منه الإنسان الغربي الذي بحث عن السعادة والسّلام في عالم لحمته التناقض وسداه الصراع.
٦٢ ، ٦٣ ـ (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (٦٣))
[مريم : ٦٢ ، ٦٣]
الرزق بكرة وعشيا يذكر بقوله صلىاللهعليهوسلم : (إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني) ، وقوله في تفسير قوله تعالى : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) [يونس : ٦٤] أن البشرى هي : (الرؤيا الصالحة) ، فما من نبي ولا ولي عارف إلا وله رزقه في جنة التوحيد بكرة وعشيا ، وقال عارف : ليالي العارفين كلها قدر ، إشارة إلى ليلة القدر ، فما يقع في العالم الخارجي من أحداث يتحول إلى صور لمحسوسات ذات معان معقولات تري الموحد في المنام كيف أن