وضرب لهذا مثل اليد عند ما تحمل شيئا وتحركه ، فالحامل والمحمول متلازمان ، وإن كان المحمول يتبع الحامل.
٩ ، ١١ ـ (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (١٠) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى (١١))
[طه : ٩ ، ١١]
موسى إشارة إلى القلب الذي سلم وصار مستعدا لاستقبال الأنوار ، والنار التي رآها هي من نوع النار التي تستهوي الفراش فيهوي إليها ... أي أن موسى ظل يطيع صوت ضميره ، فإذا الضمير ينكشف عن أنه الذات الإلهية التي تدعو الذات الجزئية إليها ، فيكون جواب الذات الجزئية أنها تقول للجسم وآلاته ، وأشير إلى هذا الجسم بالأهل ، امكثوا ... أي كفى تحركا ، فما لي إليكم الآن حاجة ، وإنما قصدي التوجه إلى ذلك الجاذب الروحاني الذي هو قبس لعلي أعثر على ما أنشده ألا وهو الهدى أي الحقيقة والحقيقة كنز ثمين ، جد في طلبه المريدون السالكون من الصوفية والبوذيين والهندوسيين وعبدة النجوم وصوفيي المسيحية وآخرين ، ولقد أوتي موسى الكنز العظيم ، فكل مريد صار مرادا نودي من ذاته الباطنة هو مثل موسى الذي صار رمزا لهذا الارتياد الروحي العظيم.
قيل لموسى عليهالسلام : بم عرفت أن الله تعالى هو الذي كلمك؟ فقال : (لأن كلام المخلوق إنما يسمع من جهة واحدة بحاسة واحدة هي السمع ، وإني كنت أسمع كلام الله تعالى من جميع الجهات بجوارحي كلها ، فعرفت أنه كلام الله تعالى).
١٢ ، ١٣ ـ (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (١٣))
[طه : ١٢ ، ١٣]
قلنا : الرب المربي ، وما دام الاسم الهادي هو الداعي فالنتيجة رفع ستارة الأسماء وانكشاف الذات الخالصة التي هي الرب في نزولها إلى أفق الخطاب ، والنعلان رمز إلى الحوار الذاتي الإنساني كقولك أنا وأنا ، أي الفكر بشقيه الهادي والمضل ، فالفكر يكون إنسانيا ، فيكشف عن وجود أساس له إلهي ، فيخلع الإنسان أناه ، ويعكف عليها ليسمع وحي الأنا الخالصة ، وقلنا : إن الوحي درجات أولها الإلهام ، وآخرها الوحي أي العقل القدسي الذي يقترب منه الإنسان ليستمع ما يوحي إليه.
١٤ ـ (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (١٤))
[طه : ١٤]
انكشاف حقيقة الآلهة أي صور الوجود الظاهري عن وجود الله ، وكون هذه الصور أبواق