اسمه الظاهر ... لهذا خاطب الحق عبده قائلا : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا ...) أي كف يا عبدي عن النظر إلى هذا العالم وما فيه من صور وأصوات وتوجه إلي ، وحيثما نظرت تجدني لأنني أنا حقيقة الصور وحقيقة هذا الوجود الذي تراه ، وتابعت الآية تقول : (فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ،) أي تحول يا عبدي من العالم إلي مع بقائك الجسمي في العالم ، وهذه هي حقيقة الصلاة التي هي صلة ، وفي الحديث : (المصلون كثير والمقيمون قليل).
١٥ ـ (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥))
[طه : ١٥]
الساعة ميقات انكشاف الحقيقة ، ولهذا قال عليهالسلام : (بعثت أنا والساعة كهاتين) ، وضم السبابة والوسطى ، وذلك لأنه عليهالسلام رأى النار التي رأى موسى ، وخوطب من ذاته الباطنة كما خوطب موسى ، وقامت قيامته الصغرى ، وهذه القيامة هي الساعة أي الوقت المحدد للكشف.
وقوله سبحانه : (أَكادُ أُخْفِيها ،) يعني قرب الساعة ، ولهذا ضم صلىاللهعليهوسلم السبابة والوسطى ، فالساعة بالمرصاد ، وهي مثل ربها أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد.
١٦ ـ (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٦))
[طه : ١٦]
كثيرون رأوا الإشارة التي هي النار وما أتوها ، أو أتوها فما اتبعوا هداها ، أو اتبعوا هداها ولكنهم لم يتابعوا سلوك طريق الهدى وارتدوا ، فالقول ثقيل ، والإنسان مدعو إلى طرح ما تزمل وما تدثر من صفات وأهواء ، وعليه أن يلبي دعوة ربه ، والوادي عظيم وعميق ، وهو بحاجة إلى رجال غواصين على الحقائق يفدونها بأنفسهم وأموالهم ، كما قال سبحانه في موضع آخر : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) [التّوبة : ١١١].
١٧ ، ٢٣ ـ (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨) قالَ أَلْقِها يا مُوسى (١٩) فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى (٢٠) قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى (٢١) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى (٢٣))
[طه : ١٧ ، ٢٣]
قلنا في العصا من قبل ما قلنا ، والملاحظ أن السؤال : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ ،) وقلنا في يمين الله من قبل : إنها اليمين النورانية أو اليد النورانية ، وربطنا بين عصا موسى ويمين الله هذه ، فالعملية إطلاع المراد كشفا على أن قواه قوى الله من سمع وبصر وكلام وفكر ، وأنه ليس إلا آلة لله ، فبين المكاشف والإنسان العادي سر هو الذي قال فيه التستري : إن للربوبية سرا لو علم لبطل العلم ، وإن للعلم سرا لو علم لبطل العمل ، فثمة عملية تبادل تجري بين