من الأسماء جميعا ، وأرسلوا إلى عالم العناصر وعملوا ويسروا للتعلم ليمتلئ حاسوبهم بالمعلومات الضرورية ، حتى إذا بلغوا أشدهم ، وقاربوا الأربعين ، جاءهم النصر والفتح ، وأنزل عليهم قرآن الحقائق في ليلة القدر ، وكشف لهم الغيب فاطلعوا الأسرار ، وعرفوا الحقيقة الإلهية ، وبوصف علمي يتصل هؤلاء الأعلام بالحاسوب المركزي الذي هو الروح الفاعل فيعلمهم ما لم يكونوا يعلمون.
وقد يسأل سائل : إن كان الإنسان حاسوبا ، والإنسان نفس وجسد ، فكيف يكون الروح اللامادي حاسوبا مركزيا؟ والجواب في الرجوع إلى نظرية السهروردي في الأنوار ، وكيف أن من هذه الأنوار النور الأول والنور المضاف أو المعار ، فالصوفية تقول : إن العالم كل نور ، وإن أصل الأنوار المادية والنور العقلي هو النور المعنوي الذي هو الفاعل وحده ، وفي كتابنا الإنسان الكامل بينا أن العالم كله جسم كبير ، وأن الحواس الجزئية لها قاعدة هي الحواس الكلية باعتبار القوى التي تشغلها ، فلئن كانت الخلايا والحبال العصبية والمراكز الخاصة في الدماغ بالذاكرة والخيال هي مادية فالنور الأول هو أصل هذه المادة وهو قوة هذه المادة ، ويعرف الفارابي العقل قائلا : إنه غريزة يتهيأ بها درك العلوم ، ويقول أيضا : العقل قوة من قوى النفس مستعدة لأن تنتزع من هيآت الموجودات كلها صورها دون موادها ، وتلك الصور المنتزعة عن موادها الصائرة صورا في هذه الذات هي المعقولات ، فالإنسان إذن مستودع للمعلومات ، ولكن صاحب المعلومات هو الروح الكلي الكائن بالفعل والذي يقول للشيء كن فيكون.
فالاتصال بالحاسوب المركزي اتصال بروح الكون الحاوي للعلوم ، فهذا الحاسوب أبدع الحاسوب الجزئي ليعين المعلوم به والمعقول ، وليظهر النور على شاشة عالم المادة ، وعلى هذا فليس للحاسوب المركزي علاقة بالزمان والمكان لأن الزماكان من عالم المادة ، وعالم المادة تابع لعالم النور ، صحيح أن الحاسوب المركزي يستفيد من الحاسوب الجزئي المعلومات المتفتقة من عالم الحس وأحداث لا غير ، أما من حيث هي كليات فهي معلومة أصلا له ، ومن حيث الاستفادة فالماضي مسجل حاسوبيا على لوحة الحاسوب الكلي ، ومن هذا المنطلق أخبر الحاسوب الكلي النبي الحاسوب الجزئي بأحداث الماضي كما وقعت بلا تحريف ولا تزوير ، وقال عن نوح والطوفان وعاد وثمود ، وقال إن إبراهيم كان حنيفا مسلما ، وقال إن مريم حملت بالمسيح من غير أب إلا الروح ، وقال إن الله ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ، وإن المسيح ليس الله ولا ابن الله بل هو كلمة من كلماته.
والحاسوب الكلي مطلع على السرائر ، وما من حركة ظاهرة أو خفية بل ولا خاطرة تخطر في البال إلا ويعلمها ، ونجد في كتاب الله كيف أخبر الله النبي بالحديث الذي دار بين بعض