أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم عن تحريم مارية ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم قد أسره إلى حفصة وقال لها لا تفشيه فنبأت به عائشة ، فنبأ النبي حفصة بما ورد بينها وبين عائشة رضي الله عنها فقالت : من أنبأك هذا؟ قال : (نبأني العليم الخبير).
ومن هذا المصدر تعلم الأنبياء والأولياء علم الخواطر ، وسمي هذا العلم الفراسة ، وقال فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (إتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور ربه) ، وقال الإمام الرفاعي : القلب إذا صلح صار مهبط الوحي والأسرار والأنوار والملائكة ، وإذا صلح القلب أخبرك بما وراءك وأمامك ، ونبهك على أمور لم تكن تعلمها بشيء دونه ، وقال الإمام منصور البطائحي : الكشف سواطع نور لمعت في القلوب بتمكين معرفة حملة السرائر في الغيوب من غيب إلى غيب حتى يشهد الأشياء من حيث يشهدها الحق ، فيتكلم عن ضمائر الخلق. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يرى أصحابه في الصلاة وهم خلفه كما يراهم أمامه ، ورأى بيت المقدس عيانا وهو بمكة ، ورأى قصور الشام وأبواب صنعاء ومدائن كسرى ، وهو بالمدينة يحفر الخندق ، ورأى النجاشي بالحبشة لما مات وهو بالمدينة ، فخرج إلى المصلى وصلى عليه.
والمستقبل الذي كشف للنبي صلىاللهعليهوسلم هو امتداد للماضي والحاضر ، بمعنى أن الشريط الذي يعرض على شاشة الوجود العياني هو شريط عبئ مسبقا بصور عقلانية محضة طبعت فيه ، وسمى هذا الطبع القضاء ، وهي ستصير أحداثا واقعية عن طريق الزمان والمكان ، فما سيقع في المستقبل خططه الله وقضاه ، وأخبار هذا القضاء كثيرة في كتب الدين ، وهناك كتاب اسمه الجفر ، وينسب ما جاء فيه إلى الإمام جعفر الصادق ، وفيه ذكر كل ما سيقع لأهل البيت إلى يوم القيامة ، والإمام هو الذي حذر زين العابدين من الخروج للقتال فخرج فقتل ، وفي الكتاب قصيدة عجيبة تنبئ عن هجوم للإيطاليين على طرابلس الغرب فوقع الحدث بعد انقضاء قرون عديدة.
فالحاسوب الكلي في هذا المجال هو بمثابة الإنسان العالم عند ما يشحن الحاسوب الجزئي بالمعلومات الموجودة في عقله هو ، فالحاسوب الجزئي لا يعلم ، والحاسوب الكلي يعلم ثم يعلم من بعد ذلك الحاسوب الجزئي ، فأحداث العالم إخراج لما هو موجود في العقل الإلهي الذي قضى كل شيء أزلا وقدره فما من حادث يقع في عالم العيان إلا والله قضاه ، ولا تبديل لقضاء الله ، والأنبياء والأولياء متحققون بهذا ولا يشكون في ما قضاه الله وهم بالتالي مستريحون إلى هذا القضاء خيرا وشرا من ربهم.
والحاسوب الكلي هو القادر على أن يجعل الجاهل عالما ، إذ الحق هو القائل : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (٥)) [العلق : ٥] ، قال الإمام الدسوقي : فيض الربوبية إذا فاض أغنى عن الاجتهاد ، وقال : قد يعطي المولى قاصرا ما لم يعط أصحاب المحابر ، وكان الإمام عبد