الرحيم القناوي إذا قال لعامي : يا فلان تكلم على العلماء ، فيتكلم عليهم في معاني الآيات والأحاديث ، حتى لو كان هناك عشرة آلاف محبرة لكلت عنه ، ثم يقول له اسكت ، فلا يجد ذلك العامي كلمة ، واحدة من تلك العلوم.
وكان الإمام أبو عمرو القرشي يفعل مثل ذلك ، فلقد كان الرجل العربي إذا اشتهى أن يتكلم بالعجمية ، أو العجمي يريد أن يتكلم بالعربية ، يتفل في فمه فيصير يعرف تلك اللغة كأنها لغته الأصلية ، وكان للإمام أبي العباس أحمد الملثم مكاشفات عجيبة في مستقبل الزمان ، فكان لا يخبر بشيء إلا جاء كما قال ، ويقول : أنا ما أتكلم باختياري ، وذكر ابن عربي في بعض كتبه صفة السلطان جد السلطان سليمان بن عثمان الأول وفتحه القسطنطينية في الوقت الفلاني ، فجاء الأمر كما قال وبينه وبين السلطان نحو مائتي سنة ، وقد بنى عليه قبة عظيمة وتكية شريفة بالشام فيها طعام وخيرات ، وقال الإمام الشاذلي : إذا نطق المحجوب بغرائب العلوم وعجائب الفهوم فلا تستغربن ذلك ، فإن مداد قلم الغيوب فياض ، وقال : حاشى قلوب العارفين أن تخبر عن غير يقين ، وقال : إذا أراد الله بعبد خيرا أوصل إلى قلبه العلوم الحقيقية المتلقاة من حضرة الربوبية بطريق ليس فيه إشكال على الظواهر الشرعيات.
أخيرا إن دعوتنا التي نلح عليها هي الاستفادة من وجود الحاسوب الكلي الأزلي الوجودي الذي قال فيه الإمام الشاذلي : من العجب كون الإنسان ينظر إلى شمس الدنيا فيستضيء بنورها وينتفع بآثارها ، وفي سر وجوده شمس أنوار ، وهو غافل عن شهود حقيقتها لظلمة ذاته الطينية.
إنها دعوة للاستفادة من عالمي المادة والروح جميعا ، فمن ظفر بهما حقق الإنسانية التامة فيه فكان نجما ، وكان علما ، وكان عالما أوتى خير الدارين كما فعل نبينا صلىاللهعليهوسلم الذي تعد شريعته جامعة للدنيا والآخرة ، صالحة لكليهما ، والتي تعد الإنسان بحياة متوازية صالحة هانئة سعيدة ، والله سبحانه القائل : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) [الجنّ : ١٣] والقائل : (فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) [الجنّ : ١٤] والقائل : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) [الجن : ١٦].
١٣٠ ، ١٣٥ ـ (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠) وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (١٣٢) وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٣٣) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ