١١ ، ١٥ ـ (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (١٢) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (١٣) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (١٤) فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (١٥))
[الأنبياء : ١١ ، ١٥]
القرية الأمة التي تريد أن تطغى ، وتكون لها السيادة في الأرض من دون الله فهي هنا أمة كافرة ، فإذا جاء أمر الله بعث عبادا مؤمنين ، كما بعث النبي صلىاللهعليهوسلم في قومه ، فدعا لله وللدين الجديد ، فأيده فريق من بني قومه وخالفه آخرون ، فواجه المؤمنون المشركين والكافرين فغلبوهم وانتصر الدين المبين ، وعلى مدى التاريخ لا تزال الحروب تشهد كم ظهرت أمم كافرة ثم اندحرت وبادت ، فالأيام متداولة بين الناس ، والحكم لله ، والغلبة له ولأسمائه.
١٦ ـ (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (١٦))
[الأنبياء : ١٦]
القصد من الخلق ظهور الحق ، وظهور الحق ظهور أسمائه وصفاته أي المعقولات ، فبنو آدم خلقوا ليكونوا جسرا يعبر عليه الحق بمعقولاته فتظهر للعيان بالعيان ، فوظيفة الحاسوب الجزئي جمع المعلومات وترتيبها وتصنيفها ثم فرزها ثم إظهارها عند اللزوم ، والنتيجة أن اللون الأخضر لا يظهره إلا ورق الشجر فيكون وسيلة لظهور اللون ، وعلى هذا قس كيف تظهر المعاني بالمباني ، فلو لا البشر كيف كان الله يظهر ، وكيف كنا نتعرفه ويتعرف هو إلينا؟
١٧ ـ (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ (١٧))
[الأنبياء : ١٧]
معنى (لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا) أنه كان بوسع الله أن يحتفظ بأسمائه خالصة من دون تعين ما ، وهذا ممكن لأنه هو صاحب الأمر والفعل ويكون مثل الله مثل المؤلف يريد أن يؤلف فيتخذ أوراقا وأقلاما ومدادا ثم يخلق شخصيات وأحداثا ، ثم يجعل من شخصياته من يمثل الجمال والحق والخير والعدل ، ويجعل من يمثل التضاد ، ثم تلعب الشخصيات دورها في القصص والمؤلف يحركها ويدخلها ويخرجها ويظهرها ويخفيها ويميتها ويحييها ، فالمؤلف مؤلف سواء كتب مؤلفاته أم لا ، ولكن لما كان المؤلف مؤلفا اقتضى هذا أن يكون الخلق الفني نتاج المؤلف ، فيكون ما خلقه فيضا عنه وينبوعا أخرج عطاءاته.
١٨ ـ (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨))
[الأنبياء : ١٨]
النصر للكليات ، ولا عبرة في جولات الظلمة ولكن العبرة بالخواتيم ، وخاتمة أي قصة ظهور صفات الجمال ، وهذا أمر بدهي مسلم به لدى الله والناس والتاريخ.