١٩ ـ (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩))
[الأنبياء : ١٩]
من عند الله الكليات خالصة من التعينات ، فهي مثل الفراخ تكون في البيض ، وهي بحكم وجودها في البيض ، والبيض أنواع ، فهي محكومة بأن تفقس بيوضها وتخرج نسورا وصقورا وبلابل وعصافير فما يخرج إلى العيان هو ما يكون في البطنان ، وما يكون في البطنان يدل على البطن الكلي الواحد ، فسواء خرج المعقول ممثلا في محسوس ، أم ظل مطويا ، فهو في علم الله معقول ويبقى معقولا.
٢٠ ، ٢١ ـ (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ (٢٠) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١))
[الأنبياء : ٢٠ ، ٢١]
التسبيح التنزيه ، والصوفية تنزه الله حتى عن الاتصاف بصفات ، وهذه عقيدة أفلوطين الموحد ، ثم تجعل له تشابيه هي المعقولات والصفات ، والحقيقة أن المعقولات أمارات وجهه الواحد ، ولكنه في ذاته يبقى منزها عن المعقولات لأنه ربها وموجدها.
٢٢ ـ (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢))
[الأنبياء : ٢٢]
الآية توجب خضوع المعقولات للواحد الأحد ، ولهذا هجمت الصوفية على عبدة الأوثان والأصنام والصور والطبيعة والنار ، وقالوا إن هؤلاء يعبدون الله حتى وإن عبدوا تلك المظاهر ، لأن الله حقيقة كل شيء ، وهو موجد الشيئية أصلا ، وهو ملهم النفس خواطرها ، فأنى توجه والإنسان كان الله وراءه وقدامه.
وقوله : (لَفَسَدَتا) يعني أن الوجود لا يستطيع الاستمرار في وجوده إلا لكونه واحدا محكوما من قبل واحد ، ولهذا ترى فيلسوفا مثل هيغل يرى حتى في الحروب حكمة وخيرا مؤجلين ، وإن بدا الخراب والفساد معجلين ، لأن الله له من وراء الحرب قصد ، ومعجل البركان حمم ونار ودمار وموت للمخلوقات وللطبيعة ، ومؤجله ظهور حياة جديدة غنية فتية ، إذ تكون الحمم تربة جديدة غنية بالمواد والحياة.
٢٣ ـ (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣))
[الأنبياء : ٢٣]
لا يمكن مماراة الله في ما يفعل ، وفي الحديث القدسي (من لم يرض بقضائي فليخرج من تحت سمائي وليبتغ ربا سواي) ، فالخليقة مخلوقة وفق هذه القواعد ، وإن حاول الإنسان تغيير هذه القواعد وتبديل سنة الوجود ، عادت السنة فاحتوت التغيير والتبديل ، فتكون الثورات