الاجتماعية والسياسة بركانا ينبت أرضا جديدة ، يقول هيغل : حين تضع الفلسفة لونا رماديا فوق لون رمادي فإن معنى هذا أن شكلا من أشكال الحياة قد شاخ ، وأنه لا يمكن أن يعود الشباب إلى هذه الألوان الدكناء بعضها فوق بعض ، وإنما يمكن أن يفهم فحسب أن بومة منيرفا لا تبدأ الطيران إلا حين حلول الظلام.
٢٤ ـ (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤))
[الأنبياء : ٢٤]
سبق وتحدثنا عن علم الحاسوب الكلي الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، والذي يحدث بأخبار الأولين ، وينبئ بما هو آت ، فالنبي مستند إلى قوة وجودية نورانية هي أصل الوجود وماضيه وحاضره ومستقبله ولهذا ما خابت دعوة الأنبياء قط وإن قتلوا ، فالمؤجل النصر والفتح.
٢٥ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥))
[الأنبياء : ٢٥]
سبق أن تحدثنا عن دعوة التوحيد الواردة في كتب التاريخ ، وفي كتابنا الإنسان الكبير ، أوردنا ما قاله الفيلسوف شيلنغ في كتابه فلسفة الأسطورة والكشف مبينا أن للأساطير القديمة والديانات القديمة أصلا هو التوحيد ، وأن الوثنية دخلت بعد تحريف ديانة التوحيد. وحلل شيلنغ بعض هذه الأساطير ، وردها إلى مصادر قديمة وكشف الأسس التي قامت عليها مؤكدا دور التوحيد في نسج الأساطير.
٢٦ ـ (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦))
[الأنبياء : ٢٦]
الحق حق والخلق خلق ، والحق وجود أبدي أزلي سرمدي فعال عليم علام ، والخلق وجود متجدد منفصل متعلم وهو وسيلة للظهور ، ومن الحق والخلق كان الوجود التام الذي هو ظاهر باطن ، والذي هو الوجود الإلهي نفسه ، قال عبد الغني النابلسي : التصاوير من حيث التعين غير الموجود الواحد ، لأن التعينات غير ما به التعين وهي غيرية اعتبارية ، وقال أيضا : جميع الموجودات من حيث ماهيات مختلفة فليست هي الوجود الحق سبحانه بل هي مقدراته وتصوراته ولكن ليس لها وجود آخر غير وجود الحق سبحانه وقال أيضا : لو لا سريان الوجود الحق في الموجودات لما وجدت ، وسريانه فيها بلا سريان لأنها عدم ، والسريان إنما يكون من موجود في موجود ولا موجود إلا الوجود وحده بحيث يكون ذلك الوجود في تلك الذوات عين تلك الذوات ، كما كانت تلك الذوات قبل الظهور في ذلك الوجود عين ذلك الوجود ،