الإنسان ربه حق تقاته.
٤٩ ، ٥٠ ـ (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩) وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٠))
[الأنبياء : ٤٩ ، ٥٠]
كنا قد تحدثنا عن الساعة ، وقلنا إن للمكاشف ساعته ، وهي هنا الساعة التي عاشها موسى بعد أن لقي العبد الصالح بمجمع البحرين فعلمه ما لم يكن يعلم ، وعلم أن ساعته جاءت ، وقيامته ، لما رأى الله عيانا في الوجود الظاهر ، وبعد أن تدكدك جبل جسمه وأنيته فإذا الله أمامه ، وإذا هو صورة الله وخليفته.
٥١ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (٥١))
[الأنبياء : ٥١]
إبراهيم إشارة إلى مقام الكمال الذي يصل إليه السالك العارج في سماء المعاني حتى يصل شجرة المعاني الجامعة ، وهو مقام خص به إبراهيم ، ولهذا كان مقامه إلى جانب البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك من ملائكة المعقولات فلا يعودون إليه.
٥٢ ـ (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (٥٢))
[الأنبياء : ٥٢]
عودة المحقق الكامل إلى الناس لينبههم على التماثيل التي يعبدون ، وعلى رأسها أناهم ثم صور الناس من حولهم ، والتماثيل المعنوية لله كما قال صلىاللهعليهوسلم : (إن في الجنة سوقا ما فيه بيع ولا شراء إلا الصور من الرجال والنساء ، فإذا اشتهى الإنسان صورة دخل فيه).
ومن هنا انطلقت الصوفية في الحديث عن الله الضار النافع ، الخافض الرافع ، علما أن للاسم أداته من التعين أي الإنسان الجزئي الظاهر ليمارس نشاطه به ومنه ومن خلاله.
٥٣ ، ٥٦ ـ (قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (٥٣) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٥٤) قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (٥٥) قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٥٦))
[الأنبياء : ٥٣ ، ٥٦]
اعتاد الإنسان عبادة الصور الظاهرة لأنه لا يرى من حوله غيرها ، وإذا سألت كافرا لم لا يؤمن بالله ، سألك بدوره وأين الله حتى أؤمن؟ أي أن الكافر لا يؤمن إلا برؤية الصور المحسوسة ، والله سبحانه لا يحّد بصورة ولا بزمان ومكان حتى يرى كما يرى البشر ، ولهذا اخترع الإنسان عبادة الأوثان والأصنام ، إذ الصنم صورة محسوسة ظاهرة تلمس وترى ، وإن كان لا يضر ولا ينفع ، ولذلك استمر الحوار بين إبراهيم وأبيه وقومه حول عبادة التماثيل وحول الله رب هذه التماثيل وغيرها من الصور الظاهرة.