١١٥ ـ (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥))
[آل عمران : ١١٥]
المتقون من اتقوا الله في وجودهم ظاهرا وباطنا ، أي في عالمي العين والعيان ، فهم منخلعون مما هم فيه من لباس ، والله عليم بهم لأنه في الحقيقة داعيتهم إلى التجريد والانخلاع والتوجه إليه ، والأصل كون العين في العيان ، فكيف يخفي الأمر عمن هو الباطن من كل شيء؟
١١٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١٦))
[آل عمران : ١١٦]
أصحاب النار الظاهريون المبعدون عن نور الروح ، فاعتمادهم على ما تقدمه الحواس وعلى نتاج إعمال الفكر في الوجود الظاهري والمناداة به على أساس أنه الحقيقة ولا حقيقة سواه.
١١٧ ـ (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٧))
[آل عمران : ١١٧]
الريح التي تصيب الحرث ظهور نور الكشف الذي يهلك العالم الظاهري فعلى مستوى المادة لا يبقى بعد الكشف الذوقي العلمي إلا الذر ، وأكدت هذه الحقيقة علوم الذرة التي ردت الوجود المادي كله إلى ذرات ، بل ذريرات فوتونات ، بل مادة سوداء أولى يحاولون جاهدين رؤيتها من خلال دفع الذرات في أنابيب مشحونة ، كهرطيسيا حتى السرعة القصوى ، وعلى مستوى المعلول كشف الذوق وجود العلل الباطنة ، ثم كشف جوهر هذه الأعيان الثابتة فإذا هو نور معنوي هو نور الواحد الأحد ، فلا موجود سواه ، ولا في سواه.
١١٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (١١٨))
[آل عمران : ١١٨]
البطانة ما بطن ، وهي إشارة إلى الحواس الباطنة كالفكر والخيال والحافظة والمصورة ، واعتماد هذه القوى من غير مدد الروح العلمي باطل ولا جدوى منه وهذا ما تؤكده الفلسفة التي تعتمد هذه البطانة فتفرقت السبل بالفلاسفة ، كل حزب بما لديهم فرحون إلا من هدى الله.
١١٩ ـ (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١١٩))
[آل عمران : ١١٩]
الحب من جانب واحد حب الموحدين الذين يرفعون علم المحبة ، ويطفئون نار حرب التضاد بعلومهم التوحيدية كأعلام الصوفية وأكابر العلماء وقوله : (تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ) يعني