(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ) (٢٥)
وغيرهم بالنصب أي إنّه لحقّ حقا مثل نطقكم ، ويجوز أن يكون فتحا لإضافته إلى غير متمكن ، وما مزيدة.
وعن الأصمعي أنه قال : أقبلت من جامع البصرة فطلع أعرابي على قعود فقال : من الرجل؟ فقلت : من بني أصمع ، قال : من أين أقبلت؟ قلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن (١) ، قال : أتلو عليّ ، فتلوت والذاريات ، فلما بلغت قوله وفي السماء رزقكم قال : حسبك ، فقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من أقبل وأدبر وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولى ، فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف ، فإذا أنا بمن يهتف بي بصوت رقيق ، فالتفت فإذا أنا بالأعرابي قد نحل واصفرّ ، فسلم عليّ واستقرأ السورة ، فلما بلغت الآية صاح ، وقال : قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقا ، ثم قال : وهل غير هذا؟ فقرأت : فوربّ السماء والأرض إنه لحق ، فصاح وقال : يا سبحان الله من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف ، لم يصدّقوه بقوله حتى حلف ، قالها ثلاثا وخرجت معها نفسه.
٢٤ ـ (هَلْ أَتاكَ) تفخيم للحديث وتنبيه على أنه ليس من علم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإنما عرّفه بالوحي ، وانتظامها بما قبلها باعتبار أنه قال : وفي الأرض آيات ، وقال في آخر هذه القصة : وتركنا فيها آية (حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) الضيف للواحد والجماعة كالصوم والزور ، لأنه في الأصل مصدر ضافه ، وكانوا اثني عشر ملكا ، وقيل تسعة عاشرهم جبريل ، وجعلهم ضيفا لأنهم كانوا في صورة الضيف حيث أضافهم إبراهيم ، أو لأنهم كانوا في حسبانه كذلك (الْمُكْرَمِينَ) عند الله لقوله : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) (٢) وقيل لأنه خدمهم بنفسه وأخدمهم امرأته وعجّل لهم القرى.
٢٥ ـ (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) نصب بالمكرمين إذا فسّر بإكرام إبراهيم لهم ، وإلّا فبإضمار اذكر (فَقالُوا سَلاماً) مصدر سادّ مسدّ الفعل مستغنى به عنه ، وأصله نسلّم عليكم سلاما (قالَ سَلامٌ) أي عليكم سلام ، فهو مرفوع على الابتداء وخبره محذوف ، والعدول إلى الرفع للدلالة على ثبات (٣) السلام ، كأنه قصد أن يحييهم بأحسن مما حيّوه به أخذا بأدب الله ، وهذا أيضا من إكرامه لهم. حمزة وعلي : سلم
__________________
(١) في (ظ) و (ز) الله.
(٢) الأنبياء ، ٢١ / ٢٦.
(٣) في (ز) إثبات.