(مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١) يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١٢)
لكم في ترك الإنفاق في سبيل الله والجهاد مع رسوله والله مهلككم فوارث أموالكم ، وهو من أبلغ البعث في (١) الإنفاق في سبيل الله ، ثم بيّن التفاوت بين المنفقين منهم فقال (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) أي فتح مكة قبل عزّ الإسلام وقوة أهله ودخول الناس في دين الله أفواجا ومن أنفق من بعد الفتح ، فحذف لأنّ قوله : من الذين أنفقوا من بعد يدلّ عليه (أُولئِكَ) الذين أنفقوا قبل الفتح ، وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين قال فيهم النبي صلىاللهعليهوسلم : (لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه) (٢) (أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا) أي وكلّ واحد من الفريقين (وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) أي المثوبة الحسنى ، وهي الجنة مع تفاوت الدرجات ، فكلّا مفعول أول لوعد ، والحسنى مفعول ثان ، وكلّ شامي أي وكلّ وعده الله الحسنى ، قيل (٣) نزلت في أبي بكر رضي الله عنه لأنه أول من أسلم ، وأول من أنفق في سبيل الله ، وفيه دليل على فضله وتقدّمه (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فيجازيكم على قدر أعمالكم.
١١ ـ (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) بطيب نفسه ، والمراد الإنفاق في سبيله ، واستعير لفظ القرض ليدلّ على التزام الجزاء (فَيُضاعِفَهُ لَهُ) أي يعطيه أجره على إنفاقه أضعافا مضاعفة من فضله (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) أي وذلك الأجر المضموم إليه الأضعاف كريم في نفسه ، فيضعّفه مكي ، فيضعّفه شامي ، فيضاعفه عاصم وسهل ، فيضاعفه غيرهم ، فالنصب على جواب الاستفهام ، والرفع على فهو يضاعفه ، أو عطف على يقرض.
١٢ ـ (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) ظرف لقوله وله أجر كريم ، أو منصوب بإضمار اذكر تعظيما لذلك اليوم (يَسْعى) يمضي (نُورُهُمْ) نور التوحيد والطاعات ، وإنما قال (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين
__________________
(١) في (ظ) و (ز) على.
(٢) متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٣) ليس في (ظ) و (ز) قيل.