(يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (١٤)
الجهتين ، كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم ووراء ظهورهم ، فيجعل النور في الجهتين شعارا لهم وآية ، لأنهم هم الذين بحسناتهم سعدوا وبصحائفهم البيض أفلحوا ، فإذا ذهب بهم إلى الجنة ومرّوا على الصراط يسعون سعى بسعيهم ذلك النور وتقول لهم الملائكة (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ) أي دخول جنات ، لأن البشارة تقع بالأحداث دون الجثث (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
١٣ ـ (يَوْمَ يَقُولُ) هو بدل من يوم ترى (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا) أي انتظرونا ، لأنه يسرع بهم إلى الجنة كالبروق الخاطفة. أنظرونا حمزة من النظرة وهي الإمهال ، جعل اتئادهم في المضي إلى أن يلحقوا بهم إنظارا لهم (نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) نصب منه ، وذلك أن يلحقوا بهم فيستنيروا به (قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً) طرد لهم وتهكّم بهم ، أي تقول لهم الملائكة أو المؤمنون : ارجعوا إلى الموقف إلى حيث أعطينا هذا النور فالتمسوا (١) هنالك فمن ثمّ يقتبس ، أو ارجعوا إلى الدنيا فالتمسوا نورا بتحصيل سببه وهو الإيمان (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ) بين المؤمنين والمنافقين (بِسُورٍ) بحائط حائل بين شقّ الجنة وشقّ النار ، قيل هو الأعراف (لَهُ) لذلك السور (بابٌ) لأهل الجنة يدخلون منه (باطِنُهُ) باطن السور أو الباب وهو الشقّ الذي يلي الجنة (فِيهِ الرَّحْمَةُ) أي النور أو الجنة (وَظاهِرُهُ) ما ظهر لأهل النار (مِنْ قِبَلِهِ) من عنده ومن جهته (الْعَذابُ) أي الظلمة أو النار.
١٤ ـ (يُنادُونَهُمْ) أي ينادي المنافقون المؤمنين (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) يريدون موافقتهم (٢) في الظاهر (قالُوا) أي المؤمنون (بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) محنتموها بالنفاق وأهلكتموها (وَتَرَبَّصْتُمْ) بالمؤمنين الدوائر (وَارْتَبْتُمْ) وشككتم في التوحيد (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُ) طول الآمال والطمع في امتداد الأعمار (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ) أي الموت (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) وغرّكم الشيطان بأنّ الله عفو كريم لا يعذبكم ، أو بأنه لا بعث ولا حساب.
__________________
(١) في (ظ) و (ز) فالتمسوه.
(٢) في (ظ) و (ز) مرافقتهم.