(إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ(١٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١٩) اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (٢٠)
١٨ ـ (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) بتشديد الدال وحده مكي وأبو بكر ، وهو اسم فاعل من صدّق ، وهم الذين صدّقوا الله ورسوله يعني المؤمنين. الباقون بتشديد الصاد والدال ، وهو اسم فاعل من تصدّق فأدغمت التاء في الصاد ، وقرىء على الأصل (وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) هو عطف على معنى الفعل في المصدقين ، لأن اللام بمعنى الذين ، واسم الفاعل بمعنى الفعل ، وهو اصّدّقوا ، كأنه قيل إنّ الذين اصّدقوا وأقرضوا ، والقرض الحسن أن يتصدق من الطيّب عن طيبة النفس وصحة النية على المستحق للصدقة (يُضاعَفُ لَهُمْ) يضعّف مكي وشامي (وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) أي الجنة.
١٩ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) يريد أنّ المؤمنين بالله ورسله هم عند الله بمنزلة الصديقين والشهداء ، وهم الذين سبقوا إلى التصديق واستشهدوا في سبيل الله (لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) أي مثل أجر الصديقين والشهداء ومثل نورهم ، ويجوز أن يكون والشهداء مبتدأ ولهم أجرهم خبره (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ).
٢٠ ـ (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ) كلعب الصبيان (وَلَهْوٌ) كلهو الفتيان (وَزِينَةٌ) كزينة النّسوان (وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ) كتفاخر الأقران (وَتَكاثُرٌ) كتكاثر الدّهقان (١) (فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) أي مباهاة بهما ، والتكاثر ادعاء الاستكثار (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا) بعد خضرته (ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً) متفتتا ، شبّه حال الدنيا وسرعة تقضّيها مع قلة جدواها بنبات أنبته الغيث ، فاستوى وقوي ، وأعجب به الكفار الجاحدون لنعمة الله فيما رزقهم من الغيث والنبات ، فبعث عليه
__________________
(١) الدّهقان : بالكسر والضم القوي على التصرف مع حدة والتاجر ، وزعيم فلاحي العجم ورئيس الإقليم ، معرّب ، الجمع دهاقنة ودهاقين (القاموس ٤ / ٢٢٤).